كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[إبطال ما زعمه المشركون من تحريم العمرة فى أشهر الحج بعمرة عائشة]-
عائشة ليلة الحصبة إلَّا قطعًا لأمر أهل الشِّرك فإنَّهم كانوا يقولون إذا برأ الدَّبر، وعفا الأثر، ودخل صفر، فقد حلَّت العمرة لمن اعتمر،
(49) عن ابن أبى مليكة قال قال عروة لابن عبَّاسٍ حتَّى متى تضلُّ النَّاس يا ابن عبَّاسٍ، قال ما ذاك يا عروة؟ قال تأمرنا بالعمرة في أشهر الحجِّ وقد نهى أبو بكرٍ وعمر فقال ابن عبَّاسٍ قد فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال
__________
(غريبه) (1) بفتح الحاء وسكون الصاد المهملتين وفتح الباء الموحدة وهى الليلة التى تلى ليلة النفر الأخير، والمراد بها ليلة المبيت بالمحصب (2) يعنى أهل الجاهلية فانهم كانوا يرون أن العمرة فى أشهر الحج من أفجر الفجور فى الأرض ويجعلون المحرم صفرا كما صرح بذلك فى رواية لمسلم والأمام أحمد (قال العلماء) المراد الأخبار عن النساء الذى كانوا يفعلونه وكانوا يسمون المحرم صفرا ويحلونه وينسئون المحرم، أى يؤخرون تحريمه إلى ما بعد صفر لئلا يتوالى عليهم ثلاثة أشهر محرمة تضيق عليهم أمورهم من الغارة وغيرها فأضلهم الله تعالى فى ذلك، فقال جل ذكره {إنما النساء زيادة فى الكفر- الآية} (3) بفتح المهملة والموحدة أى ما كان يحصل بظهور الأبل من أثر الحمل عليها أو مشقة السفر فانه كان يبرأ بعد انصرافهم من الحج (4) أى زال واندرس أثر الأبل وغيرها فى سيرها لطول مرور الأيام هذا هو المشهور (وقال الخطابى) المراد أثر الدبر والله أعلم اهـ (قال النووى) وهذه الألفاظ تقرأ كلها ساكنة الآخر ويوقف عليها، لأن مرادهم السجع اهـ (5) يريدون أنها لا تحل إلا بعد ذلك؛ وهذا من تحكماتهم الباطلة المأخوذة من غير أصل، فأراد النبى صلى الله عليه وسلم إبطال هذه العادة القبيحة وأعمر عائشة ليلة الحصبة لأنها من أشهر الحج ليخالفهم فيما تعودوه (تخريجه) (د. هق) وسنده جيد، قال المنذرى وأخرج البخارى ومسلم طرفا منه ولم يخرجا قصة عائشة فى العمرة
(49) عن ابن أبى مليكة (سنده حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا وهيب ثنا أيوب عن ابن أبى مليكة- الحديث" (غريبه) (6) يريد أن ابن عباس أخطأ فى إفتاء الناس بجواز العمرة فى أشهر الحج، لا يريد عروة أن ابن عباس يقصد إضلالهم (6) الظاهر أن أبا بكر وعمر رضى الله عنهما كانا ينهيان عن العمرة فى الحج بقصد التمتع، لا لأن ذلك حرام لا يجوز فعله، بل لأن الأكمل أن يأتى بالعمرة فى غير أشهر الحج

الصفحة 55