كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[جراءة الصحابة فيما يرونه حقا - ومحاورة عروة وابن عباس]-
عروة كانا هما أتبع لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلم به منك
__________
لتكون عمرة مستقلة يتحمل مشقتها فيكون ثوابها أعظم، ويؤيد ذلك ما ثبت عند الأمام أحمد، وسيأتي فى باب ما جاء فى التمتع بالعمرة إلى الحج عن سالم بن عبد الله بن عمر قال كان ابن عمر يفتى بالذى أنزل الله عز وجل من الرخصة بالتمتع وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه فيقول ناس لابن عمر كيف تخالف أباك وقد نهى عن ذلك؟ فيقول لهم عبد الله ويلكم ألا تتقون الله، إن كان عمر نهى عن ذلك فيبتغى فيه الخير، يلتمس به تمام العمرة، فلم تحرّمون ذلك وقد أحله الله وعمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم، أفرسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبعوا أم سنة عمر؟ إن عمر لم يقل لكم إن العمرة فى أشهر الحج حرام؛ ولكنه قال أتمُّ العمرة أن تفردها من أشهر الحج (1) يريد عروة أن صحبتهما لرسول الله صلى الله عليه وسلم أقدم من صحبته فهما أعلم به منه، وليس بلازم فانه قد يصادف الصغير فى الزمن القصير ما لم يصادف الكبير فى الزمن الطويل والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمى باختلاف قليل فى بعض الألفاظ وعزاه للطبرانى فى الأوسط وقال إسناده حسن، ولفظه (عن عروة بن الزبير) أنه أتى ابن عباس فقال يا ابن عباس طالما أضللت الناس، قال وما ذاك يا عروة؟ قال الرجل يخرج محرما بحج أو عمرة، فاذا طاف زعمت أنه قد حل فقد كان أبو بكر وعمر ينهيان عن ذلك، فقال أهما ويحك آثر عندك أم ما فى كتاب الله وما سن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فى أصحابه وفى أمته؟ فقال عروة هما كانا أعلم بكتاب الله وما سن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم منى ومنك، قال ابن أبى مليكة رحمه الله تعالى فخصمه عروة (زوائد الباب) (عن عائشة رضى الله عنها) أنها قالت يا رسول الله يصدر الناس بنسكين وأصدر بنسك، فقيل لها انتظرى فاذا طهرت فاخرجى إلى التنعيم فأهلى ثم ائتينا بمكان كذا، ولكنها على قدر نفقتك أو نصبك، رواه البخارى (قال الكرمانى) فى قوله أو نصبك "أو" إما للتنويع فى كلام النبى صلى الله عليه وسلم وإما شك من الراوى، والمعنى أن الثواب فى العبادة يكثر بكثرة النصب أو النفقة، والمراد النصب الذى لا يذمه الشرع، وكذا النفقة، قال النووى اهـ (قال الحافظ) ووقع فى رواية الاسماعيلى من طريق أحمد بن منيع عن اسماعيل "على قدر نصبك -أو- على قدر تعبك" وهذا يؤيد أنه من شك الراوى، وفى روايته من طريق حسين بن حسن "على قدر نفقتك أو نصبك" أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (وأخرجه الدارقطنى والحاكم) من طريق هشام عن ابن عون بلفظ "إن لك من الأجر على قدر نصبك ونفقتك" بواو العطف، وهذا يؤيد الاحتمال الأول اهـ (الأحكام)

الصفحة 56