كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[اختلاف المذاهب فى المكان الذى يحرم منه العمرة]-
(3) باب حكم العمرة وصفتها
(50) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال أتى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أعرابىٌّ فقال يا رسول الله أخبرنى عن العمرة أواجبةٌ هي؟ فقال رسول الله صلَّى الله
__________
(وتعقبه الطحاوي) بما تقدم من أن النبى صلى الله عليه وسلم إنما أمر عائشة بالأحرام من التنعيم لأنه كان أقرب الحل من مكة لا أنه الأفضل (واستدل بحديث عائشة) المذكور فى الزائد على أن الاعتمار لمن كان بمكة من جهة الحل القريبة أقل أجرا من الاعتمار من جهة الحل البعيدة (قال الحافظ) وهو ظاهر هذا الحديث (وقال الشافعى) فى الأملاء أفضل بقاع الحل للاعتمار الجعرانة، لأن النبى صلى الله عليه وسلم أحرم منها ثم التنعيم، لأنه أذن لعائشة منها، قال وإذا تنحى عن هذين الموضعين فأين أبعد حتى يكون أكثر لسفره كان أحب إلى، وحكى الموفق فى المغنى (عن أحمد) أن المكى كلما تباعد فى العمرة كان أعظم لأجره (وقالت الحنفية) أفضل بقاع الحل للاعتمار التنعيم (ووافقهم بعض الشافعية والحنابلة) ووجهه أنه لم ينقل أن أحدا من الصحابة فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم خرج من مكة الى الحل ليحرم بالعمرة غير عائشة، وأما اعتماره صلى الله عليه وسلم من الجعرانة فكان حين رجع من الطائف مجتازا إلى المدينة، ولكن لا يلزم من ذلك تعين للفضل لما دل عليه هذا الخبر أن الفضل فى زيادة التعب والنفقة، وإنما يكون التنعيم أفضل من جهة أخرى تساويه الى الحل لا من جهة أبعد منه، والله أعلم (وقال النووى) ظاهر الحديث أن الثواب والفضل فى العبادة يكثر بكثرة النصب والنفقة، وهو كما قال، لكن ليس ذلك بمطرد، فقد يكون بعض العبادة أخف من بعض وهو أكثر فضلا وثوابا بالنسبة الى الزمان، كقيام ليلة القدر بالنسبة لقيام ليال من رمضان غيرها، وبالنسبة للمكان كصلاة ركعتين فى المسجد الحرام بالنسبة لصلاة ركعات فى غيره، وبالنسبة إلى شرف العبادة الماليه والبدنية كصلاة الفريضة الى أكثر من عدد ركعاتها أو أطول من قراءتها، ونحو ذلك من صلاة النافلة، وكدرهم من الزكاة بالنسبة الى أكثر منه من التطوع، أشار الى ذلك ابن عبد السلام فى القواعد، قال وقد كانت الصلاة قرة عين النبى صلى الله عليه وسلم وهى شاقة على غيره، وليست صلاة غيره مع مشقتها مساوية لصلاته مطلقا والله أعلم، أفاده الحافظ
(50) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا أبو معاوية ثنا الحجاج بن أرطاة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله- الحديث"

الصفحة 58