كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[حجة القائلين بأن العمرة سنة لا واجبة]-
كلام البيهقي (قال النووى فى المجموع) وليس هذا اللفظ على هذا الوجه فى صحيح مسلم ولا للعمرة والغسل من الجنابة والوضوء فيه فى هذا الحديث ذكر؛ لكن الأسناد به للبيهقى موجود من صحيح مسلم، وروى الدارقطنى هذا اللفظ الذى رواه البيهقى بحروفه، ثم قال هذا إسناد صحيح ثابت، واحتج البيهقى أيضا بما رواه بأسناده عن أبي رزين العقيلى الصحابى رضى الله عنه أنه قال يا رسول الله إنى شيخ كبير لا أستطيع الحج والعمرة ولا الظعن، قال حج عن أبيك واعتمر (قال البيهقى) قال مسلم بن الحجاج سمعت أحمد بن حنبل يقول لا أعلم فى إيجاب العمرة، حديثا أجود من هذا ولا أصح منه ولم يجوده أحد كما جوده شعبة، هذا كلام البيهقى (قال النووى) وحديث أبى رزين هذا صحيح، رواه أبو داود والترمذى والنسائى وابن ماجه وغيرهم بأسانيد صحيحة، قال الترمذى هو حديث حسن صحيح اهـ (وذهب أبو حنيفة ومالك وأبو ثور) إلى أن العمرة سنة ليست واجبة، وحكاه ابن المنذر وغيره عن النخعى ودليلهم ما جاء فى الزوائد من الأحاديث المصرحة بعدم الوجوب وبحديث جابر المذكور فى الباب، وأجيب عن الحديث بأن فى اسناده الحجاج بن أرطاة وهو ضعيف وتصحيح الترمذى له فيه نظر، لأن الأكثر على تضعيف الحجاج، واتفقوا على أنه مدلس (قال النووى) ينبغى أن لا يغتر بالترمذى فى تصحيحه فقد اتفق الحفاظ على تضعيفه اهـ (قال الشوكانى) وتصحيح الترمذى له إنما ثبت فى رواية الكروخى فقط، وقد نبه صاحب الأمام على أنه لم يرد على قوله حسن فى جميع الروايات عنه إلا فى رواية الكروخى، وقد قال ابن حزم إنه مكذوب باطل وهو إفراط، لأن الحجاج وإن كان ضعيفًا فليس متهما بالوضع وقد رواه البيهقى من حديث سعيد بن عفير عن يحيى بن أيوب عن عبيد الله عن أبى الزبير عن جابر بنحوه، ورواه ابن جريج عن ابن المنكدر عن جابر، ورواه ابن عدى من طريق أبى عصمة عن ابن المنكدر عن أبى صالح. وأبو عصمة قد كذبوه، قال وفى الباب عن أبى هريرة عند الدارقطنى وابن حزم والبيهقى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "الحج جهاد والعمرة تطوع" وإسناده ضعيف كما قال الحافظ (وعن طلحة) عند ابن ماجه باسناد ضعيف، وعن ابن عباس عند البيهقى (قال الحافظ) ولا يصح من ذلك شاء، وبهذا تعرف أن الحديث من قسم الحسن لغيره وهو محتج به عند الجمهور، ويؤيده ما عند الطبرانى عن أبى أمامة مرفوعا "من مشى إلى صلاة مكتوبة فأجره كحجة، ومن مشى إلى صلاة تطوع فأجره كعمرة" (واستدل القائلون) بوجوب العمرة أيضا بما أخرجه الدارقطنى من حديث زيد بن ثابت رضى الله عنه بلفظ "الحج والعمرة فريضتان لا يضرك بأيهما بدأت" وأجيب عنه بأن فى إسناده اسماعيل بن مسلم المكى وهو ضعيف، وفى الحديث أيضا انقطاع، ورواه

الصفحة 61