كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[مذاهب العلماء فى أفعال العمرة وأركانها]-
البيهقي موقوفاً على زيد (قال الحافظ) واسناده أصح، وصححه الحاكم ورواه ابن عدى عن جابر وفى اسناده ابن لهيعة (قلت واستدلوا أيضا) بما رواه البخارى. وأبو داود. والنسائى وابن ماجه. والأمام أحمد، وتقدم رقم 21 صحيفة 18 فى فضل وجوب الحج على النساء عن عائشة رضى الله عنها قالت يا رسول الله أعلى النساء جهاد؟ قال الحج والعمرة هو جهاد النساء (قال الشوكانى) والحق عدم وجوب العمرة، لأن البراءة الأصلية لا ينتقل عنها إلا بدليل يثبت به التكليف ولا دليل يصلح لذلك لا سيما مع اعتضادها بما تقدم من الأحاديث القاضية بعدم الوجوب؛ ويؤيد ذلك اقتصاره صلى الله عليه وسلم على الحج فى حديث بنى الأسلام على خمس واقتصار الله جل جلاله على الحج فى قوله تعالى {ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا} (فان قيل) إن وقوع العمرة فى جواب من سأل عن الأسلام يدل على الوجوب (فيقال) ليس كل أمر من الأسلام واجبا، والدليل على ذلك حديث شعب الأسلام والأيمان فانه اشتمل على أمور ليست بواجبة بالأجماع {وأما قوله تعالى- وأتموا الحج والعمرة لله} فلفظ التمام مشعر بأنه انما يجب بعد الأحرام لا قبله، ويدل على ذلك ما أخرجه الشيخان وأهل السنن (وأحمد والشافعى) وابن أبى شيبة عن يعلى بن أمية (قال جاء رجل الى النبى صلى الله عليه وسلم وهو بالجعرانة عليه جبة وعليها خلوق، فقال كيف تأمرنى أن أصنع فى عمرتى؟ فأنزل الله تعالى على النبى صلى الله عليه وسلم الآية، فهذا السبب فى نزول الآية، والسائل قد كان أحرم وإنما سأل كيف يصنع، أفاده الشوكاني (هذا وحديث عمرو بن دينار الثانى من حديثى الباب) يستفاد منه أن أركان العمرة ثلاثة. الأحرام. والطواف والسعى (وإلى ذلك ذهب الجمهور وزاد الشافعية) إزالة الشعر لما رواه البخارى والنسائى عن الحسن بن مسلم أن طاوسًا أخبره أن ابن عباس أخبره عن معاوية رضى الله عنه أنه قصر عن النبى صلى الله عليه وسلم بمشقص فى عمرة على المروة، وسيأتى للأمام أحمد نحوه فى باب النحر والحلاق والتقصير ان شاء الله تعالى (وزاد الشافعية أيضا) والترتيب بين هذه الأركان، كما فعلها النبى صلى الله عليه وسلم الأول فالأول (وخالف الحنفية) فقالوا ليس للعمرة إلا ركن واحد وهو معظم الطواف أربعة أشواط، أما الأحرام فهو شرط لها، وأما السعى بين الصفا والمروة فهو واجب كما فى الحج عندهم، ومثل السعى الحلق أو التقصير فهو واجب فقط لا ركن (فائدة) يجب للعمرة ما يجب للحج، وكذلك يسن لها ما يسن له، وبالجملة فهى كالحج فى الأحرام والفرائض والواجبات والسنن والمحرمات والمكروهات والمفسدات والأحصار وغير ذلك، ولكنها تخالفه فى أمور (وهى) أنها ليس لها وقت معين ولا تفوت. وليس فيها وقوف بعرفة ولا نزول بمزدلفة، وليس فيها رمى جمار ولا جمع بين صلاتين ولا خطبة ولا طواف قدوم، وأن ميقاتها الحل لجميع الناس بخلاف الحج فان ميقاته للمكى الحرم. والله أعلم

الصفحة 62