كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[زوائد الباب - وشئ من احكامه - ومعجزة للنبى صلى الله عليه وسلم]-
__
__________
ذي القعدة، إحداهن زمن الحديبية، والأخرى فى صلح قريش، والأخرى مرجعه من الطائف زمن حنين من الجعرانة (بز. طس) ورجاله رجال الصحيح (وعن عمر بن الخطاب) رضى الله تعالى عنه قال اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا قيل حجه فى ذى القعدة (طس) ورجاله ثقات الا أن سعيد بن المسيب اختلف فى سماعه من عمر (وعن ابن عباس) رضى الله عنهما قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطائف نزل الجعرانة فقسم بها الغنائم ثم اعتمر منها وذلك لليلتين بقيتا من شوال (عل) من رواية عتبة مولى ابن عباس ولم أعرفه (وعن خالد بن عبد العزى بن سلامة) ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل عليه بالجعرانة وأجزره وظل عنده وأمسى عند خالد ثم ندب النبى صلى الله عليه وسلم العمرة فانحدر النبى صلى الله عليه وسلم ومحرش الى الوادى حتى بلغا مكانا يقال له أشقاب فقال يا محرش ماء هذا المكان الى الكدة (1) وماء الكد لخالد وما بقى من الوادى لك يا محرش، ثم أن النبى صلى الله عليه وسلم فحص الكدة بيده فانبجس الماء (أى انفجر) فشرب ثم ندب النبى صلى الله عليه وسلم العمرة فأرسل خالد الى رجل من أصحابه يقال له محرش بن عبد الله والنبى صلى الله عليه وسلم يومئذ خائف من دخول مكة فسار به طريقا يعدله عن من يخاف من ذلك قد عرفها حتى قضى نسكه وأضحى عند خالد راجعين وأحله محرش يعنى خلفه (طب) أورده الهيثمى وقال فيه من لم أعرفه، وأورد أيضا الثلاثة قبله وتكلم عليها جرحا وتعديلا (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على أن النبى صلى الله عليه وسلم حج ثلاث حجج حجتين قبل أن يهاجر وحجة بعد ما هاجر؛ والمهم منها هى الحجة التى كانت بعد الهجرة سنة عشر، لأنها جاءت بعد افتراض الحج وتعلم الناس المناسك منها. وأجمع المسلمون عليها (وفيها أيضا دلالة) على أنه صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر (الأولى) عمرة الحديبية سنة ست من الهجرة (والثانية) عمرة القضاء فى السنة السابعة (والثالثة) عمرة الجعرانة فى السنة الثامنة بعد فتح مكة (والرابعة) كانت مع حجته وكلها كانت فى القعدة إلا الرابعة فكانت فى ذى الحجة، هذا هو الصحيح الذى دلت عليه الأحاديث الصحيحة (وذهب اليه المحققون من الفقهاء) والمحدثين (أما ما ورد فيها) مخالفًا لذلك فى العدد كما جاء فى بعض روايات عائشة وابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم اعتمر مرتين، وفى بعضها ثلاثا كرواية عمرو
__________
(1) بضم الكاف وفتح الدال المهملة مشدده، قال فى النهاية الكدة هى الأرض الغليظة، لانها تكد الماشى فيها أى تتعبه اهـ، والمعنى أن النبى صلى الله عليه وسلم قسم ماء أشقاب الذى ينتهى إلى الكدة قسمين فجعل قسما منه يسمى بماء الكد لخالد بن عبد العزى وما بقى من الوادى لمحرش، وإنما فعل ذلك صلى الله عليه وسلم معهما، لأن خالدا أكرم نزله، ومحرشًا رافقه فى الطريق، وكان صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يصنع معه معروف إلا ويكافاء صاحبه عليه بأفضل منه فينبغى الاقتداء به صلى الله عليه وسلم

الصفحة 72