كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[كلام العلماء فى أنه صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر فى ذى القعدة ولم يعتمر فى رجب]-
__
__________
ابن شعيب وعائشة المذكورين فى أحاديث الباب، وكذلك ما جاء فى الزوائد عن عمر وجابر وأبى هريرة، فيجمع بينها بأن من قال عمرتين فانه لم يحسب الأولى وهى عمرة الحديبية لكونها لم تتم، والعمرة التى كانت مع حجته لانها كانت مقرونة بحجه صلى الله عليه وسلم كما تقدم (وأما ما ورد فيها) مخالفا فى الزمن كحديث ابن عمر رضى الله عنهما أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم اعتمر فى رجب فيحمل على النسيان كما صرحت بذلك عائشة رضى الله عنها فقالت "يغفر الله لأبى عبد الرحمن نسى" وكذلك قال غير واحد من المحدثين المحققين (وأما ما رواه أبو داود) بسند قوى عن عائشة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم اعتمر ثلاث عمر عمرتين فى ذى القعدة وعمرة فى شوال فيجمع بينه وبين ما ورد فى الأحاديث الصحيحة أن الثلاثة كانت فى ذى القعدة بأن يكون وقع فى آخر شوال وأول ذى القعدة؛ ويؤيده ما رواه الأمام أحمد وابن ماجه بأسناد صحيح عنها أنها قالت "ما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا فى ذى القعدة ولقد اعتمر ثلاث عمر" (قال الحافظ ابن القيم) رحمه الله تعالى وظن بعض الناس أن النبى صلى الله عليه وسلم اعتمر فى سنة مرتين، واحتج بما أخرجه أبو داود عن عائشة، قالوا وليس المراد بها ذكر مجموع ما اعتمره فان أنسا وعائشة وابن عباس وغيرهم قد قالوا إنه اعتمر أربع عمر فعلم أن مرادها به أنه اعتمر فى سنة مرتين، مرة فى ذى القعدة ومرة فى شوال، قال وهذا الحديث وهم وإن كان محفوظا عنها فان هذا لم يقع قط فانه اعتمر أربع عمر بلا ريب (العمرة الأولى) كانت فى ذى القعدة عمرة الحديبية ثم لم يعتمر إلا فى العام القابل (عمرة القضية) فى ذى القعدة ثم رجع إلى المدينة ولم يخرج إلى مكة حتى فتحها سنة ثمان فى رمضان ولم يعتمر ذلك العام، ثم خرج إلى حنين وهزم الله أعداءه فرجع إلى مكة (وأحرم بعمرة) وكان ذلك فى ذى القعدة كما قال أنس وابن عباس فمتى اعتمر فى شوال؟ ولكن لقى العدو فى شوال وخرج فيه من مكة وقضى عمرته لما فرغ من أمر العدو فى ذى القعدة ليلا ولم يجمع ذلك العام بين عمرتين ولا قبله ولا بعده، قال وقولها اعتمر فى شوال إن كان هذا محفوظا فلعله فى عمرة الجعرانة حين خرج فى شوال ولكن إنما أحرم بها فى ذى القعدة (قال) ولا تناقض بين حديث أنس "فى الصحيحين" أنهن فى ذى القعدة إلا التى مع حجته وبين قول عائشة وابن عباس لم يعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا فى ذى القعدة، لأن مبدأ عمرة القران كان فى ذى القعدة ونهايتها كان فى ذى الحجة مع انقضاء الحج، فعائشة وابن عباس أخبرا عن ابتدائها، وأنس أخبر عن انقضائها، (فأما قول عبد الله بن عمر) إن النبى صلى الله عليه وسلم اعتمر أربعا إحداهن فى رجب فوهم منه رضى الله عنه، قالت عائشة لما بلغها ذلك عنه "يرحم الله أبا عبد الرحمن ما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرة قط إلا وهو شاهد، وما اعتمر فى رجب قط" وأما ما رواه الدارقطنى عن عائشة قالت

الصفحة 73