كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[كلام الحافظ ابن القيم فى أحاديث العمرة - وأنه صلى الله عليه وسلم لم يعتمر فى رمضان]-
(5) باب صفة حج النبى صلى الله عليه وسلم
(64) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى حدَّثنا يحيي حدَّثنا جعفرٌ حدَّثنى أبى قال أتينا جابر بن عبد الله رضى الله عنهما وهو فى بنى سلمة فسألناه عن حجَّة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فحدَّثنا أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث بالمدينة تسع سنين لم يحجَّ
__________
"خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى عمرة رمضان فأفطر وصمت وقصر وأتممت فقلت بأبى وأمى أفطرت وصمت وقصرت وأتممت، فقال أحسنت يا عائشة" فهذا الحديث غلط، فان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعتمر فى رمضان قط، وعمره مضبوطة العدد والزمان، ونحن نقول يرحم الله أم المؤمنين ما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فى رمضان قط، وقد قالت عائشة رضى الله عنها لم يعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا فى ذى القعدة، رواه ابن ماجه وغيره، ولا خلاف أن عمره لم تزد على أربع، فلو كان قد اعتمر فى رجب لكانت خمسا، ولو كان قد اعتمر فى رمضان لكانت ستًا إلا أن يقال بعضهن فى رجب. وبعضهن فى رمضان. وبعضهن فى ذى القعدة، وهذا لم يقع، وإنما الواقع اعتماره صلى الله عليه وسلم فى ذى القعدة كما قال أنس وابن عباس وعائشة رضى الله عنهم (قال) ولم يكن فى عمره عمرة واحدة خارجا من مكة كما يفعل كثير من الناس اليوم، وإنما كانت عمره كلها داخلا إلى مكة؛ وقد أقام بعد الوحى بمكة ثلاث عشرة سنة لم ينقل عنه أنه اعتمر خارجا من مكة فى تلك المدة أصلا، فالعمرة التى فعلها رسول اله صلى الله عليه وسلم وشرعها فهى عمرة الداخل الى مكة لا عمرة من كان بها فيخرج الى الحل ليعتمر، ولم يفعل هذا على عهده أحد قط إلا عائشة وحدها من بين سائر من كان معه لأنها كانت قد أهلت بالعمرة فحاضت فأمرها فأدخل الحج على العمرة وصارت قارنة، وأخبرها أن طوافها بالبيت وبين الصفا والمروة قد وقع عن حجتها وعمرتها فوجدت فى نفسها أن ترجع صواحباتها بحج وعمرة مستقلين فانهن كن متمتعات ولم يحضن ولم يقرنَّ وترجع هى بعمرة فى ضمن حجتها فأمر أخاها أن يعمرها من التنعيم تطييبًا لقلبها، ولم يعتمر هو من التنعيم فى تلك الحجة ولا أحد ممن كان معه اهـ (ويستفاد من أحاديث الباب أيضا) أن العمرة فى أشهر الحج أفضل منها فى رجب بلا شك، وأما التفضيل بينها وبين العمرة فى رمضان فموضع نظر، وقد تقدم الكلام عليه فى أحكام (باب ما جاء فى فضل العمرة خصوصا فى رمضان) تحت عنوان (تنبيه) صحيفة 50 من هذا الجزء. فارجع اليه والله الموفق
(64) حدّثنا عبد الله (غريبه) (1) بفتح الحاء ويجوز كسرها والمراد حجة الوداع (2) بفتح الكاف وضمها أى لبث بالمدينة بعد الهجرة لكنه اعتمر، وقد

الصفحة 74