كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[صفة حج النبى صلى الله عليه وسلم وتاريخه وعدد من حضره]-
ثمَّ أذِّن فى النَّاس أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجٌّ هذا العام، قال فنزل المدينة بشرٌ كثيرٌ كلُّهم يلتمس أن يحجَّ يأتمُّ برسول الله صلى الله عليه وسلم ويفعل مثل ما يفعل فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لعشرٍ بقين من ذى القعدة وخرجنا معه حتَّى أتى ذا الحليفة نفست أسماء بنت عميسٍ بمحمَّد بن أبى بكرٍ، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أصنع؟ قال اغتسلى، ثم استذفري بثوبٍ ثمَّ أهلِّى، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتَّى إذ استوت به ناقته على البيداء أهلَّ بالتَّوحيد لبَّيك
__________
فرض الحج سنة خمس. وقيل سنة ست. وقيل سنة ثمان. وقيل سنة تسع، وتقدم الخلاف فى ذلك (1) بضم الهمزة مبنى للمجهول أى نادى مناد بأذنه، ويجوز بناؤه للمعلوم ويكون النبى صلى الله عليه وسلم أعلمهم بذلك بنفسه؛ وعلى كلا الأمرين فالمراد إعلام الناس بحجه صلى الله عليه وسلم وإشاعته بينهم ليتأهبوا للحج معه ويتعلموا المناسك والأحكام ويشاهدوا أقواله وأفعاله، وتشيع دعوة الأسلام وتبلغ الرسالة القريب والبعيد، وفيه أنه يستحب للأمام إيذان الناس بالأمور المهمة ليتأهبوا لها (2) قال القاضى عياض هذا مما يدل على أنهم كلهم أحرموا بالحج لأنه صلى الله عليه وسلم أحرم بالحج وهم لا يخالفونه، ولهذا قال جابر وما عمل من شاء عملنا به، ومثله توقفهم عن التحلل بالعمرة ما لم يتحلل حتى أغضبوه واعتذر اليهم، ومثله تعليق علىّ وأبى موسى احرامهما على احرام النبى صلى الله عليه وسلم (3) قال فى المرقاة وقد بلغ جملة من معه صلى الله عليه وسلم من أصحابه فى تلك الحجة تسعين ألفًا. وقيل مائة وثلاثين ألفًا اهـ (وقوله ذا الحليفة) بضم الحاء المهملة والفاء اسم مكان على نحو ستة أميال من المدينة، وبينه وبين مكة عشر مراحل أو تسع (4) بكسر الفاء أى ولدت كما صرح بذلك فى رواية مسلم وأبى داود (5) بالذال المعجمة وكذا عند أبى داود، وعند مسلم استثفرى بالثاء المثلثة بدل الذال، والمعنى واحد (قال النووى) فيه استحباب غسل الأحرام للنفساء، وفيه أمر الحائض والنفساء والمستحاضة بالاستثفار. وهو أن تشد فى وسطها شيئا وتأخذ خرقة عريضة تجعلها على محل الدم وتشد طرفيها من قدامها ومن ورائها فى ذلك المشدود فى وسطها. وهو شبيه بثفر الدابة بفتح الفاء (وفيه) صحة إحرام النفساء وهو مجمع عليه والله أعلم اهـ (وقوله ثم أهلى) أى لبى وارفعى صوتك بالتلبية (قال العلماء) الأهلال رفع الصوت بالتلبية عند الدخول فى الأحرام، يقال أهلَّ المحرم بالحج يهل إهلالا اذا لبى ورفع صوته، والمهل بضم الميم موضع الأهلال، وهو الميقات الذى يحرمون منه (6) أصل البيداء المفازة التى لا شاء بها، وهى هاهنا اسم موضع

الصفحة 75