كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[صفة التلبية - وحجة القائلين بأنه صلى الله عليه وسلم نوى الحج مفردا]-
اللَّهمَّ لبَّيك، لا شريك لك لبَّيك، إنَّ الحمد والنِّعمة لك والملك لا شريك لك، ولبَّي النَّاس. والنَّاس يزيدون ذ المعارج ونحوه من الكلام والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يسمع فلم يقل لهم شيئًا، فنظرت مدَّ بصري وبين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم من راكبٍ وماشٍ ومن خلفه مثل ذلك، وعن يمينه مثل ذلك، وعن شماله مثل ذلك، قال جابرٌ ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا عليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله وما عمل به من شاءٍ عملنا به، فخرجنا لا ننوى إلَّا الحجَّ حتَّى أتينا الكعبة فاستلم نبيُّ الله صلَّى الله عليه وسلَّم الحجر الأسود ثمَّ
__________
مخصوص بين مكة والمدينة وأكثر ما ترد ويرد بها هذه (نه) (وقوله أهل بالتوحيد) يعنى قوله لا شريك لك، وفيه اشارة الى مخالفة ما كانت الجاهلية تزيده بعد قوله "لا شريك لك" فقد كانوا يقولون الا شريكا هو لك تملكه وما ملك (ومعنى لبيك اللهم لبيك) أى اجابة بعد اجابة ولزوما لطاعتك، وسيأتى لذلك مزيد ايضاح فى أول أبواب التلبية ان شاء الله تعالى (1) أى العلو والفواضل، قاله ابن عباس (وقال مجاهد) ذا المعارج معارج السماء (وقال قتادة) ذا الفواضل والنعم (قال القاضى) عياض رحمه الله تعالى فيه اشارة الى ما روى من زيادة الناس فى التلبية من الثناء والذكر كما روى فى ذلك (عن عمر) رضى الله عنه أنه كان يزيد لبيك ذا النعماء والفضل الحسن، لبيك مرهوبا منك ومرغوبا اليك (وعن ابن عمر) رضى الله عنهما لبيك وسعديك والخير بيديك والرغباء اليك والعمل (وعن أنس) رضى الله عنه لبيك حقا تعبدا ورقا (قال القاضى) قال أكثرالعلماء المستحب الاقتصار على تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم وبه قال (مالك والشافعى) والله أعلم (2) قال النووى هكذا فى جميع النسخ مد بصرى (يعنى نسخ مسلم) وهو صحيح ومعناه منتهى بصرى، قال وأنكر بعض أهل اللغة مد بصرى وقال الصواب مدى بصرى وليس هو بمنكر بما هما لغتان. المد أشهر (3) فيه جواز الحج راكبًا وماشيا (قال النووى) وهو مجمع عليه، وقد تظاهرت عليه دلائل الكتاب والسنة واجماع الأمة قال الله تعالى {وأذن فى الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر} (4) معناه الحث على التمسك بما أخبركم عن فعله فى حجته تلك فانه مأخوذ عن الوحى (5) فيه أن السنة للحجاج أن يدخلوا مكة قبل الوقوف بعرفات ليتمكنوا من استلام الحجر الأسود والطواف وغيره

الصفحة 76