كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[كيفية السعى والأذكار التى تقال على الصفا والمروة]-
لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كلِّ شاءٍ قديرٌ، لا إله إلَّا الله أنجز وعده وصدَّق عبده وغلب الأحزاب وحده، ثمَّ دعا ثمَّ رجع إلى هذا الكلام، ثمَّ نزل حتَّي إذا انصبَّت قدماه فى الوادى رمل حتَّى إذا صعد مشى حتَّي أتى المروة فرقى عليها حتَّي نظر إلى البيت فقال عليها كما قال على الصَّفا فلمَّا كان السَّابع عند المروة، قال يا أيُّها النَّاس إنِّى لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي
__________
بالصفا ولذا اشترط جمهور الفقهاء بدء السعى من الصفا، وبه قال الأمامان (مالك والشافعى والجمهور) وقوله (فرقى على الصفا) أى صعد على جل الصفا (حتى نظر الى البيت) أى الكعبة فيه دلالة على استحباب ذلك للحاج ان أمكن (وقوله حتى إذا نظر الى البيت) فيه استحباب الوقوف على الصفا مستقبلا ذاكرا بهذا الذكر كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم (ومعنى أنجز وعده) أى وفى وعده بأظهاره عز وجل للدين (1) هكذا فى المسند "وصدق عبده" يعنى محمدًا صلى الله عليه وسلم ورواية مسلم وأبى داود فى هذا الحديث نفسه (ونصر عبده) بدل وصدق، ومعنى تصديق الله تعالى لعبده تأييده بالمعجزات. والله سبحانه وتعالى أعلم (وغلب الأحزاب) أى هزمهم فى يوم الخندق (وحده) أى من غير قتال الآدميين قال تعالى {فأرسلنا عليهم ريحًا وجنودًا لم تروها} أو المراد كل من تحزب لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فانه هزمهم؛ وكان الخندق فى شوال سنة أربع من الهجرة وقيل سنة خمس (2) أى بعد فراغه من هذا الذكر (ثم رجع إلى هذا الكلام) أى الذكر بعد الدعاء، قال السندى يقول الذكر ثلاث مرات ويدعو بعد كل مرة (3) قال القاضى عياض مجاز من قولهم صب الماء فانصب أى انحدرت قدماه، ومنه إذا مشى كأنه ينحط فى صبب أى موضه منحدر (4) أى سعى وأسرع فى المشى فى بطن الوادى، وقد صرح بذلك فى رواية أبى داود، والمراد ببطن الوادى المنخفض منه، فاذا بلغ المرتفع منه مشى باقى المسافة إلى المروة على عادة مشيه، وهذا السعى مستحب فى كل مرة من المرات السبع فى هذه المواضع؛ والمثنى مستحب فيما قبل الوادى وبعده (5) يعنى صنع على المروة كما صنع على الصفا من الرقى واستقبال القبلة والذكر والدعاء، وهذا متفق عليه (6) أى لو علمت فى قبل من أمرى ما علمته فى دبر منه، والمعنى لو ظهر لى هذا الرأى الذى رأيته الآن لأمرتكم به فى أول أمرى وابتداء خروجى و (لم أسق الهدي)

الصفحة 78