كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[مكان النحر بمنى - وتحديد منًى وعرفات]-
أتى به النَّبي صلى الله عليه وسلم مائةً فنحر رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ثلاثةً وستِّين ثمَّ أعطى عليًّا فنحر ما غبر وأشركه فى هديه، ثمَّ أمر من كلِّ بدنةٍ ببضعةٍ فجعلت في قدرٍ فأكلا من لحمها وشربا من مرقها، ثمَّ قال نبيُّ الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم، قد نحرت هاهنا، ومنًى كلُّها منحرٌ ووقف بعرفة، فقال ونفت هاهنا وعرفة كلُّها موقفٌ، ووقف
__________
الحل، لأنه كان آتيا بالهدى معه (1) فيه استحباب ذبخ المهدى هديه بنفسه وجواز الاستنابة فيه، وذلك جائز بالأجماع إذا كان النائب مسلما (2) أى ما بقى وفيه استحباب تعجيل ذبح الهدايا وإن كانت كثيرة فى يوم النحر ولا يؤخر بعضها الى أيام التشريق (وأما قوله وأشركه فى هديه) فظاهره أنه أشركه فى نفس الهدى (قال القاضى عياض) وعندي أنه لم يكن تشريكا حقيقة بل أعطاه قدرًا يذبحه اهـ والظاهر أن النبى صلى الله عليه وسلم تولى ذبح البدن التى جاءت معه من المدينة، لأنها كانت ثلاثا وستين كما تقدم وأعطى عليا البدن التى جاءت معه من اليمن وهى تمام المائة والله أعلم (قال القارى) ولا يبعد أنه صلى الله عليه وسلم أشرك عليا فى ثواب هديه، لأن الهدى يعطى حكم الأضحية (3) البضعة بفتح الباء الموحدة لا غير، هى القطعة من اللحم، وفيه استحباب الأكل من هدى التطوع وأضحيته (قال العلماء) لما كان الأكل من كل واحدة سنة وفى الأكل من كل واحدة من المائة منفردة كلفة جعلت فى قدر ليكون آكلا من مرق الجميع الذى فيه جزء من كل واحدة، ويأكل من اللحم المجتمع فى المرق ما تيسر، وأجمع العلماء على أن الأكل من هدى التطوع وأضحيته سنة ليس بواجب (4) يعنى كل بقعة منها يصح النحر فيها وهو متفق عليه، لكن الأفضل فى المكان الذى نحر فيه صلى الله عليه وسلم (كذا قال الشافعى) ومنحر النبى صلى الله عليه وسلم هو عند الجمرة الأولى التى تلى مسجد منى. كذا قال ابن التين، وحدُّ منى من وادى محسر الى العقبة (5) يعنى عند الصخرات وعرفة كلها موقف يصح الوقوف فيها، وقد أجمع العلماء على أن من وقف فى أى جزء كان من عرفات صح وقوفه ولها أربعة حدود، حد الى جادة طريق المشرق (والثانى) الى مسافات الجبل الذى وراء أرضها (والثالث) الى البساتين التى تلى قرنيها على يسار مستقبل الكعبة. (والرابع) وادى عرنة بضم العين وبالنون، وليست هى ولا نمرة من عرفات ولا من الحرم
__________
(م 11 - الفتح الربانى - ج 11)

الصفحة 81