كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[صفة أفعال القارن في الحج ومن أهدى وساق الهدى]-
إذا رجع إلى أهله وطاف رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حين قدم مكَّة استلم الرُّكن أول شيءٍ ثمَّ خبَّ ثلاثة أطوافٍ من السَّبع ومشى أربعة أطوافٍ، ثمَّ ركع حين قضى طوافه بالبيت عند المقام ركعتين ثمَّ سلَّم فانصرف، فأتى الصَّفا فطاف بالصَّفا والمروة ثمَّ لم يحلل من شئٍ حرم منه حتَّى قضى حجَّه ونحر هديه يوم النحر وأفاض فطاف بالبيت، ثمَّ حلَّ من كلِّ شئٍ حرم منه، وفعل مثل ما فعل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من أهدي وساق الهدى من النَّاس
(67) عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال صلَّى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم الظُّهر بالمدينة أربعًا وصلَّى العصر بذي الحليفة ركعتين وبات بها حتَّى
__________
إلى عرفات، لا أنه يهل به عقب تحلل العمرة، ولهذا قال ثم ليهل. فأتى بثم التى هى للتراخى والمهلة (1) تقدم الكلام على ذلك فى شرح الحديث الشابق وسيأتى مستوفى فى أحكام باب التمتع (2) أى أسرع فى المشى عن المعتاد وفيه اثبات طواف القدوم واستحباب السرعة فى ثلاثة أطواف منه، وأنه يصلى ركعتى الطواف وأنهما يستحبان خلف المقام وقد سبق بيان هذا فى حديث جابر وسنذكره ان شاء الله تعالى بأوضح من هذا فى أبوابه الآتية (وقوله ثم لم يحلل من شاء حرم منه) معناه أن النبى صلى الله عليه وسلم بقى على إحرامه لم يحل كغيره لأنه كان قارنا والقارن لا يتحلل بالطواف والسعى. بل لا بد فى تحلله من الوقوف بعرفات والرمى والحلاق والطواف كما فى الحاج المفرد (تخريجه) (ق. د. نس. هق)
(67) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدنى أبى ثنا عفان ثنا وهيب ثنا خالد ثنا أيوب عن أبى قلابة عن أنس - الحديث" (غريبه) (3) أى أربع ركعات تامة بدون قصر لأنه لم يفارق البلد (4) انما صلى العصر ركعتين على سبيل القصر لأنه كان منشئا للسفر، وبين المدينة وذى الحليفة ستة أميال، ويقال سبعة، وهذا الحديث مما احتج به أهل الظاهر فى جواز القصر فى طويل السفر وقصيره، وقال الجمهور لا يجوز القصر الا فى سفر يبلغ مرحلتين (وقال أبو حنيفة) وطائفة شرطه ثلاث مراحل واعتمدوا فى ذلك آثارا عن الصحابة، وأما هذا الحديث فلا دلالة فيه لأهل الظاهر لأن المراد أنه حين سافر صلى الله عليه وسلم الى مكة فى حجة الوداع صلى الظهر بالمدينة أربعًا ثم سافر

الصفحة 88