كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[حديث أنس رضي الله عنه في صفة حج رسول الله صلى الله عليه وسلم]-
أصبح فلمَّا صلَّى الصُّبح ركب راحلته فلمَّا انبعثت به سبَّح وكبَّر حتَّى استوت به البيداء ثمَّ جمع بينهما فلما قدمنا مكَّة أمرهم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن يحلوُّا فلمَّا كان يوم التَّروية أهلوُّا بالحجِّ ونحر رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم سبع بدنات بيده قيامًا وضحَّى رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم بكبشين أقرنين أملحين
__________
فأدركته العصر وهو مسافر بذى الحليفة فصلاها ركعتين، وليس المراد أن ذا الحليفة كان غاية سفره فلا دلالة فيه قطعًا، وأما ابتداء القصر فيجوز من حين يفارق بنيان بلده أو خيام أهله إن كان من أهل الخيام، هذا جملة القول فيه، أفاده النووى (قلت) تقدم تفصيل ذلك فى باب مسافة القصر فى الجزء الخامس صحيفة 100 (1) أى بات بذى الحليفة حتى دخل فى الصباح، قال العلماء وهذا المبيت ليس من سنن الحج، وإنما فعله صلى الله عليه وسلم رفقا بأمته ليلحق به من تأخر عنه فى السير ويدركه من لم يمكنه الخروج معه (2) أى فلما نهضت به قائمة أهل حينئذ بالحج وما زال يسبح ويكبر (حتى استوت به البيداء) أى حتى صارت به راحلته على البيداء، فالبيداء منصوب على نزع الخافض، وتقدم تفسيرها فى حديث جابر أول الباب، ونزيد هنا أنه مكان مرتفع معروف متصل بذى الحليفة، وقد جاء فى رواية النسائى من حديث أنس أنه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بالبيداء ثم ركب وصعد جبل البيداء وأهل بالحج والعمرة (3) أى جمع بين الحج والعمرة فى التلبية، فقال لبيك عمرة وحجا، وقد ثبت ذلك بالأحاديث الصحيحة الكثيرة؛ منها رواية النسائى المتقدمة. ومنها ما رواه الشيخان والأمام أحمد وغيرهم عن أنس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبى بالحج والعمرة جميعًا يقول لبيك عمرو وحجا وغير ذلك كثير (4) أى أمر الناس الذين كانوا معه ولم يسوقوا الهدى بالتخلل فحلوا أى صاروا حلالا (5) برفع يوم لأن كان تامة فلا تحتاج إلى خبر، ويوم التروية هو اليوم الثامن من ذى الحجة كما تقدم، وسمى بالتروية لأنهم كانوا يرددون دوابهم بالماء ويحملونه معهم أيضا فى الذهاب من مكة إلى عرفات (6) تقدم فى حديث جابر أنه صلى الله عليه وسلم نحر بيده ثلاثًا وستين، ولا منافاة لاحتمال أن أنسًا رضى الله عنه لم ير إلا ذلك العدد (7) أى أبيضين لكل واحد منهما قرنان حسنان، وذلك بالمدينة فى عيد الأضحى فى غير سنة حجه صلى الله عليه وسلم ويحتمل أنه أناب عنه من يذبحهما بالمدينة سنة حجة ضحية والله أعلم (تخريجه) (ق. د. نس)

الصفحة 89