كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[كلام العلماء في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم والجمع بين مختلف الروايات]-
.....
__________
اليمن فأصبت معه أواقىّ، فلما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت فاطمة قد نضحت البيت بنضوح "أى طيبته بطيب" فقالت مالك إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر أصحابه فأحلوا، قال قلت لها إني أهللت بأهلال النبى صلى الله عليه وسلم، قال فأنى سقت الهدى وقرنت، وقال لأصحابه لو أني استقبلت من أمرى ما استدبرت لفعلت كما فعلتم، ولكنى قد سقت الهدى وقرنت، فقالت انحر من البدن سبعا وستين. أو ستا وستين وأمسك لنفسك ثلاثا وثلاثين وأربعا وثلاثين وأمسك من كل بدنة بضعة - قلت للبراء حديث فى الصحيح بغير هذا السياق وليس فيه ذكر القران والله أعلم، أورد هذه الزوائد الحافظ الهيثمى وتعقب كل حديث بما فيه جرحا وتعديلا (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد (منها) ما يدل على أن النبى صلى الله عليه وسلم كان قارنًا (ومنها) ما يدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان متمتعًا، وقد أجمع العلماء على جواز الأنواع الثلاثة، وأما النهى الوارد عن عمر وعثمان رضى الله عنهما عن التمتع فسيأتى الكلام عليه وتوضيح معناه فى باب ما جاء فى التمتع بالعمرة إلى الحج ان شاء الله تعالى (ومعنى الأفراد) أن يحرم بالحج فى أشهره ويفرغ منه ثم يعتمر (والتمتع) أن يحرم بالعمرة فى أشهر الحج ويفرغ منه ثم يحج من عامه (والقران) أن يحرم بهما جميعا، وكذا لو أحرم بالعمرة وأحرم بالحج قبل طوافها صح وصار قارنًا، (وقد روى أنه صلى الله عليه وسلم حج قرانًا) عن جماعة من الصحابة منهم ابن عمر. وعائشة. والبراء بن عازب. وعلى. وعمران بن حصين. وأبو قتادة. وسراقة بن مالك. وأبو طلحة. والهرماس ابن زياد الباهلى. وابن أبى أوفى. وأبو سعيد. وجابر. وأم سلمة. وحفصة. وسعد بن أبى وقاص. وأنس بن مالك رضى الله عنهم (وأما حجه صلى الله عليه وسلم تمتعًا) فروى عن عائشة وابن عمر. وعلى. وعثمان. وابن عباس. وسعد بن أبى وقاص (وأما حجه صلى الله عليه وسلم إفرادا) فروى عن عائشة وابن عمر وجابر وكلها أحاديث صحيحة، إلا أن بعضها ليس على ظاهره بل يحتاج إلى تأويل، وستأتى كل هذه الأحاديث فى أبواب الأفراد والقران والتمتع (قال النووى رحمه الله) ولقد اختلفت روايات أصحابه رضى الله عنهم فى صفة حجة النبى صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، هل كان قارنا أم مفردا أم متمتعًا؟ وقد ذكر البخارى ومسلم رواياتهم كذلك، وطريق الجمع بينها أنه صلى الله عليه وسلم كان أولا مفردا ثم صار قارنا، فمن روى الأفراد فهو الأصل، ومن روى القران اعتمد آخر الأمر، ومن روى التمتع أراد التمتع اللغوى وهو الانتفاع والارتفاق، وقد ارتفق بالقران كارتفاق المتمتع وزيادة فى الاقتصار على فعل واحد، وبهذا الجمع تنتظم الأحاديث كلها، وقد جمع بينها أبو محمد بن حزم الظاهرى فى كتاب صنفه فى حجة الوداع خاصة، وادعى أنه صلى الله عليه وسلم كان قارنا، وتأول باقي الأحاديث، والصحيح

الصفحة 95