كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 11)

-[جمع الحافظ ابن تيمية بين مختلف روايات الأفراد والقران والتمتع - ومذاهب العلماء في تفضيل أيها]-
.....
__________
بأنه فعل ذلك، وفيهم من أخبر عن أمر ربه بذلك (ومنها) أن النسك الذى هو أمر به كل من ساق الهدى فلم يكن ليأمرهم به إذا ساقوا الهدى ثم يسوق هو الهدى ويخالفه، وقد جمع شيخ الأسلام الحافظ ابن تيمية جمعا حسنا فقال ما حاصله، إن التمتع عند الصحابة يتناول القران فتحمل عليه رواية من روى أنه حج تمتعا، وكل من روى الأفراد قد روى أنه صلى الله عليه وسلم حج تمتعًا وقرانا فيتعين الحمل على القران، وأنه أفرد أعمال الحج ثم فرغ منها وأتى بالعمرة اهـ (وقد اختلف العلماء) فى هذه الأنواع الثلاثة أيها أفضل، فذهب جماعة من الصحابة والتابعين وأبو حنيفة واسحاق ورجحه جماعة من الشافعية منهم المزنى وابن المنذر وأبو اسحاق المروزى وتقى الدين السبكى الى أن القران أفضل (وذهب جماعة) من الصحابة والتابعين وجماعة من الشافعية وغيرهم إلى أن الأفراد أفضل (وذهب جماعة) من الصحابة والتابعين أيضا ومن بعدهم كالأمامين (مالك وأحمد) إلى أن التمتع أفضل لكونه صلى الله عليه وسلم تمناه فقال "لولا أنى سقت الهدى لأحللت" ولا يتمنى إلا الأفضل (قال الحافظ) وأجيب بأنه إنما تمناه تطييبًا لقلوب أصحابه لحزنهم على فوات موافقته، وإلا فالأفضل ما اختاره الله له واستمر عليه قال (وقال ابن قدامة يترجح التمتع) بأن الذى يفرد إن اعتمر بعدها فهى عمرة مختلف فى إجزائها عن عمرة الأسلام بخلاف عمرة التمتع فهى مجزئة بلا خلاف، فيترجح التمتع على الأفراد ويليه القران (وقال من رجح القران) هو أشق من التمتع وعمرته مجزئة بلا خلاف فيكون أفضل (قلت وقال من رجح الأفراد) إن الخلفاء الراشدين رضى الله عنهم أفردوا الحج وواظبوا على ذلك، فلو لم يكن أفضل لم يواظبوا عليه، وتقدم ذلك فى أول الأحكام (قال الحافظ) وحكى عياض عن بعض العلماء أن الصور الثلاثة فى الفضل سواء، وهو مقتضى تصرف ابن خزيمة فى صحيحه (وعن أبى يوسف) القران والتمتع فى الفضل سواء أوهما أفضل من الأفراد (وعن أحمد) من ساق الهدى فالقران أفضل له ليوافق فعل النبى صلى الله عليه وسلم ومن لم يسق الهدى فالتمتع أفضل له ليوافق ما تمناه وأمر أصحابه، زاد بعض أتباعه، ومن أراد أن ينشاء لعمرته من بلده سفرا فالأفراد أفضل له، قال وهذا أعدل المذاهب وأشبهها بموافقة الأحاديث الصحيحة (فمن قال الأفراد أفضل) فعلى هذا يتنزل لأن أعمال سفرين للنسكين أكثر مشقة فيكون أعظم أجرا ولتجزاء عنه عمرته من غير نقص ولا اختلاف، أفاده الحافظ (واختاره الشوكانى) ما ذهب اليه الأمام أحمد لاحتجاجه بما اتفق عليه من حديث جابر وغيره أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لو استقبلت من أمرى ما استدبرت ما سقت الهدى ولجعلتها عمرة (قال الشوكانى) وهذا هو الحق، فانه لا يظن أن نسكا أفضل من نسك اختاره صلى الله عليه وسلم لأفضل الخلق وخير القرون، وأما ما قيل من أنه صلى الله عليه وسلم إنما قال

الصفحة 98