كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 12)
من كان معه الهدي، فقالوا ننطلق إلى منى وذكر أحدنا يقطر (1) فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال لو أنى استقبل من أمري ما أستدبر ما أهديت، ولولا أن معي الهدي لأحللت، وأن عائشة حاضت فنسكت المناسك كلها غير أنها لم تطف بالبيت، فلما طهرت طافت (2) قالت يا رسول الله أتنطلقون بحج وعمرة وأنطلق بالحج؟ (3) فأمر عبد الرحمن أن يخرج معها إلى التنعيم فاعتمرت بعد الحج في ذي الحجة، وأن سراقة بن مالك بن جعشم لقى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بالعقبة (4) وهو يرميها فقال ألكم هذه خاصة يا رسول الله؟ (5) قال لا، بل للأبد (6)
__________
الحديث، وكان طلحة ممن ساق الهدي فلم يحل، وهذا شاهد لحديث جابر في ذكر طلحة في ذلك، وشاهد لحديث عائشة في أن طلحة لم ينفرد بذلك وداخل في قولها وذوي اليسار، ولمسلم أيضا من حديث أسماء بنت أبى بكر أن الزبير ممن كان معه الهدي (1) يعنى يقطر منيا كما صرح بذلك في الأحاديث المتقدمة، وإنما قالوا ذلك لأنه شق عليهم أن يحلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم محرم، ولم يعجبهم أن يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ويتركوا الاقتداء به (قال الطيبي) ولعلهم إنما شق عليهم لأفضائهم إلى النساء قبل انقضاء المناسك (2) اتفقت الروايات كلها على أنها طافت طواف الإفاضة يوم النحر (3) أي لأنها لم تأت بعمرة مفردة مثل الذين أتوا بها فأرادت أن تكون مثلهم " وعبد الرحمن" هو ابن أبى بكر أخو عائشة رضي الله عنها (4) جملة حالية، أي والنبي صلى الله عليه وسلم كان بعقبة منى (وقوله وهو يرميها) جملة حالية أيضا أي والنبي صلى الله عليه وسلم يرمى جمرة العقبة (5) يعنى والله أعلم فسخ الحج إلى العمرة كما يدل على ذلك سياق الحديث (6) اي لهم ولمن بعدهم على توالى السنين، وذهب الجمهور إلى أن معناه جواز فعل العمرة في أشهر الحج أبطالا لما كان عليه أهل الجاهلية، وقيل معناه جواز القران، أي دخلت أفعال الحج في أفعال العمرة (قال الحافظ) والظاهر أن السؤال وقع عن الفسخ، والجواب وقع عما هو أعم من ذلك حتى يتناول التأويلات المذكورة، والله أعلم (تخريجه) (ق. د. وغيرهم)