كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 12)
__________
عبد الله بن حسان العنبري قاضى البصرة، ومذهب أهل الظاهر اهـ
(قلت) فهذه الأحاديث الصحيحة تقضى بجواز فسخ الحج إلى العمرة وهي حجة قوية للإمام أحمد ومن وافقه، وعمدة الجمهور في الاستدلال حديث أبى ذر المذكور في الزوائد، وحديث بلال ابن الحارث المذكور آخر أحاديث الباب (أما حديث أبى ذر) فلا يصلح للاحتجاج به على أنها مختصة بتلك السنة وبذلك الركب، وغاية ما فيه أنه قول صحاب فيما هو مسرح للاجتهاد فلا يكون حجة على أحد على فرض أنه لم يعارضه غيره. فكيف إذا عارضه رأي غيره من الصحابة كابن عباس فقد روي عنه مسلم والإمام أحمد وتقدم في أحاديث الباب أنه كان يقول " ما حج رجل لم يسق الهدي معه ثم طاف بالبيت إلا حل بعمرة" الحديث (وأخرج عنه عبد الرزاق) أنه قال " من جاء مهلا بالحج فإن الطواف بالبيت يصيره إلى عمرة" واخرجه أيضا الإمام أحمد في أحاديث الباب بمعناه، وكأبى موسى فإنه كان يفتى بجواز فسخ الحج إلى العمرة كما تقدم في حديثه رقم 98 صحيفة 138 في أول (باب من أحرم مطلقا أو قال أحرمت بما أحرم به فلان) قال فما زلت أفتى الناس بالذي أمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفى، ثم زمن أبى بكر رضي الله عنه، ثم زمن عمر رضى الله عنه، على أن قول أبى ذر رضى الله عنه معارض بصريح السنة كما تقدم في جوابه صلى الله عليه وسلم لسراقة بقوله " بل للأبد " لما سأله عن متعتهم تلك بخصوصها مشيرا إليها بقوله ألكم هذه خاصة يا رسول الله؟ فليس في المقام متمسك بيد المانعين يعتد به ويصلح لنصبه في مقابلة هذه السنة المتواترة (قال ابن قدامة المقدسى) رحمه الله في الشرح الكبير ذكر أبو حفص في شرحه باسناده عن إبراهيم الخرقي، وقد سئل عن فسخ الحج إلى العمرة. فقال قال سلمة بن شبيب لأحمد بن حنبل يا أبا عبد الله كل شيئ منك حسن جميل إلا خلة واحدة، فقال وما هي؟ قال تقول بفسخ الحج، قال أحمد قد كنت أرى أن لك عقلا عندي ثمانية عشر حديثا صحاحا جيادا كلها في فسخ الحج. اتركها لقولك؟ وقد روى فسخ الحج إلى العمرة ابن عمر وابن عباس وجابر وعائشة رضي الله عنهم وأحاديثهم متفق عليها، ورواه غيرهم من وجوه صحاح، ثم ذكر حديث جابر الطويل المذكور في أحاديث الباب، ثم قال وحديث أبى ذر رواه مرقع الأسدي، فمن مرقع الأسدي؟ شاعر من أهل الكوفه لم يلق أبا ذر، فقيل له أفليس قد روى الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن إبى ذر قال كانت لنا متعة الحج خاصة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أفيقول هذا أحد؟ المتعة في كتاب الله، وقد أجمع الناس على أنها جائزة، قا ل الجوزجاني مرقع الأسدي ليس بالمشهور، ومثل هذه الأحاديث في ضعفها وجهالة رواتها لا تقبل إذا انفردت فكيف تقبل في رد حكم ثابت بالتواتر مع أن قول أبى ذر من رأيه وقد خالفه من هو أعلم منه