كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 12)
__________
وقد شذ به عن الصحابة رضى الله عنهم فلا يكون حجة اهـ ما ذكره ابن قدامة (وأما حديث الحارث بن بلال عن أبيه) فقد نقول قول الإمام أحمد فيه عند تخريجه فهو غير صالح للتمسك به على انفراده فكيف إذا وقع معارضا لأحاديث خمسة عشر صحابيا كلها صحيحة، وقد أبعد من قال إنه منسوخة لأن دعوى النسخ لا تثبت إلا بنص صحيح متأخر عن هذه النصوص، وأما مجر الدعوى فأمر لا يعجز عنه أحد، وأما ما رواه البزار عن عمر رضي الله عنه أنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحل لنا المتعة ثم حرمها علينا، فقال الحافظ ابن القيم إن هذا الحديث لا سند له ولا متن، أما سنده فمما لا تقوم به حجة عند أهل الحديث، وأما متنه فإن المراد بالمتعة فيه متعة النساء، ثم استدل على أن المراد ذلك بإجماع الأمة على أن متعة الحج غير محرمة، وبقول عمر لو حججت لتمتعت كما ذكره الأثرم في سننه، وبقول عمر لما سئل هل نهى عن متعة الحج فقال لا أبعد كتاب الله؟ أخرجه عنه عبد الرزاق وبقوله صلى الله عليه وسلم بل للأبد فإنه قطع لتوهم ورود النسخ عليها (واستدل على النسخ) بما أخرجه أبو داود أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أتى عمر بن الخطاب فشهد عنده أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي قبض فيه ينهى عن العمرة قبل الحج، وهو من رواية سعيد بن المسيب عن الرجل المذكور وهو لم يسمع من عمر، وقال أبو سليمان الخطابي في إسناد هذا الحديث مقال، وقد اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته وجوز ذلك إجماع أهل العلم ولم يذكر فيه خلافا اهـ (ومن جملة ما تمسك به المانعون) من الفسخ أنه إذا اختلف الصحابة ومن بعدهم في جواز الفسخ فالاحتياط يقتضى المنع منه صيانة للعبادة (وأجيب) بأن الاحتياط إنما يشرع إذا لم تتبين السنة، فإذا ثبتت فالاحتياط هو اتباعها وترك ما خالفها، فإن الاحتياط نوعان، احتياط للخروج من خلاف العلماء، واحتياط للخروج من خلاف السنة، ولا يخفى رجحان الثانى على الأول (قال الحافظ ابن القيم) في الهدى وأيضا فإن الاحتياط ممتنع فإن للناس في الفسخ ثلاثة أقوال على ثلاثة أنواع (أحدهما) أنه محرم (الثانى) أنه واجب وهو قول جماعة من السلف والخلف (الثالث) أنه مستحب فليس الاحتياط بالخروج من خلاف السنة اهـ (ومن متمسكاتهم أيضا) أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالفسخ ليبين لهم جواز العمرة في أشهر الحج لمخالفته الجاهلية (وأجاب) الحافظ ابن القيم بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد اعتمر قبل ذلك ثلاث عمر في أشهر الحج كما سلف، وبأن النبي صلى الله عليه سلم قد بين لهم جواز الاعتمار عند الميقات فقال من شاء أن يهل بعمرة فليفعل، الحديث في الصحيحين (قلت وعند الإمام أحمد أيضا وتقدم) قال فقد علموا جوازها بهذا القول قبل الأمر