كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 12)
__________
له بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له فأتى بطن الوادى فخطب الناس وقال إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا الحديث (الأحكام) حديث جابر المذكور أول أحاديث الباب يدل على أن من كان بمكة وأراد الإحرام بالحج يستحب له أن يحرم يوم التروية (وإلى ذلك ذهب ابن عمر والإمام الشافعي) وأصحابه وبعض أصحاب الإمام مالك وغيرهم (وقال آخرون) الأفضل أن يحرم من أول ذي الحجة ونقله القاضى عياض عن أكثر الصحابة والعلماء والخلاف في الاستحباب وكل منهما جائز بالإجماع (وفيه أيضا) أن السنة عدم تقدم أحد إلى منى قبل يوم التروية (وكره الإمام مالك ذلك) وقال بعض السلف لا بأس (قال النووي) ومذهبنا أنه خلاف السنة يعنى التقدم إلى منى قبل يوم التروية بل السنة أن يتوجه إلى منى يوم التروية كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه (وفي أحاديث الباب أيضا) استحباب أداء الصلوات الخمس بمنة ابتداء من صلاة الظهر، وبه قال جمهور العلماء منهم الأئمة (أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد واسحاق وأبو ثور) قال ابن المنذر وقال ابن عباس إذا زاغت الشمس فليخرج إلى منى، قال وصلى ابن الزبير الظهر بمكة يوم التروية، وتأخرت عائشة يوم التروية حتى ذهب ثلث الليل، قال وأجمعوا على أن من ترك المبيت ليلة عرفة لا شيء عليه، قال وأجمعوا على أنه ينزل من منى حيث شاء والله أعلم اهـ (ويستفاد من حديث جابر) المذكور في الزوائد رواية مسلم جملة فوائد (منها) استحباب الركوب إلى منى لقوله وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى الظهر إلخ (قال النووي رحمه الله) الركوب في تلك المواطن أفضل من المشي كما أنه في جملة الطريق الطريق أفضل من المشي، هذا هو الصحيح في الصورتين أن الركوب أفضل، قال وللشافعي قول آخر ضعيف أن المشي أفضل، وقال بعض أصحابنا الأفضل في جملة الحج الركوب إلا في مواطن المناسك، وهي مكة ومنى ومزدلفة وعرفات والتردد بينهما اهـ (ومنها أيضا) استحباب عدم الخروج من منى حتى تطلع الشمس لقوله فيه " ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس" وهذا متفق عليه (ومنها) قوله في حديث جابر المذكور " ولاتشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهلية (قال النووي) معنى هذا أن قريشا كانت في الجاهلية تقف بالمشعر الحرام وهو جبل في المزدلفة يقال له قزح، وقيل أن المشعر الحرام كل المزدلفة وهو بفتح الميم على المشهور، وبه جاء القرآن وقيل بكسرها، وكان سائر العرب يتجاوزون المزدلفة ويقفون بعرفات فظنت قريش أن النبي صلى الله عليه وسلم يقف في المشعر الحرام على عاداتهم ولا يتجاوزه فتجاوزه النبي صلى الله عليه وسلم إلى عرفات، لأن الله تعالى أمره بذلك في قوله تعالى " ثم أفيضوا من