كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 12)

-[مذاهب العلماء فى حكم الوقوف بعرفة ووقته وتحديد عرفة]-
.....
__________
أي جزء كان من أرض عرفات باجماع العلماء لقوله صلى الله عليه وسلم فى حديث على المذكور فى الباب وكل عرفة موقف وهو حديث صحيح رواه الأمام أحمد والترمذى وصححه، ومثله لمسلم من حديث جابر (قال النووى) قال الشافعى والأصحاب وغيرهم من العلماء وأفضلها موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عند الصخرات الكبار المفترشة فى أسفل جبل الرحمة، وهو الجبل الذى بوسط أرض عرفات، ويقال له إلال بكسر الهمزة على وزن هلال؛ وذكر الجوهرى فى صحاحه أنه بفتح الهمزة والمشهور كسرها اهـ ج. فان عجز عن الوقوف بموقف رسول الله صلى الله عليه وسلم فليقرب منه بحسب الأمكان إن لم يترتب على ذلك ايذاء نفسه أو غيره وإلا حرم عليه ذلك (ومنها) أن يجمع فى الوقوف بعرفة بين الليل والنهار بحيث يبقى فى الوقوف حتى تغرب الشمس ويتحقق كمال غروبها ثم يفيض إلى مزدلفة (وهذا الجمع سنة عند الأئمة الثلاثة) (وقال الأمام مالك) بوجوبه (ومنها) أن وقت الوقوف ما بين طلوع فجر يوم عرفة وطلوع فجر يوم النحر (واليه ذهب الأمام أحمد) لقوله صلى الله عليه وسلم فى حديث عروة بن مضرس ((من صلى معنا الغداة بجميع ووقف معنا حتى نفيض وقد أفاض قبل ذلك من عرفات ليلًا أو نهارًا فقد تم حجه وقضى تفثه)) قال لأن لفظ الليل والنهار مطلقان (وذهب الأئمة الثلاثة) إلى أن وقت الوقوف ما بين زوال الشمس يوم عرفة وطلوع الفجر الثانى يوم النحر، وأجابوا عن الحديث بأن المراد بالنهار ما بعد الزوال بدليل أنه صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين بعده لم يقفوا إلا بعد الزوال ولم ينقل عن أحد أنه وقف قبله، فكأنهم جعلوا هذا الفعل مقيد لذلك المطلق، والظاهر ما ذهب اليه الأمام أحمد، ويكون الوقوف بعد الزوال أفضل اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم كما أن الصلاة فى أول الوقت أفضل لمواظبته صلى الله عليه وسلم على فعلها فى أول الوقت فمن وقف بعرفات فى جزء من هذا الزمان صح وقوفه، ومن فاته ذلك فاته الحج، وإلى ذلك ذهب جمهور العلماء (وقال الأمام مالك) رحمه الله لا يصح الوقوف فى النهار منفردًا بل لابد من الليل، فان اقتصر على الليل كفاه، وإن اقتصر على النهار لم يصح وقوفه (ومنها) مشروعية استقبال القبلة فى الوقوف ولو راكبًا لما جاء فى حديث جابر عند مسلم ((واستقبل القبلة فلم يزل واقفًا حتى غربت الشمس- الحديث)) هذا وقد بينت فى شرح حديث على المذكور فى الباب حدود عرفة وأن بطن عرنة ليست منها، فلو وقف بها لم يصح وقوفه عند جمهور العلماء، وحكى ابن المنذر (عن الأمام مالك) أنه يصح ويلزمه دم. وقد احتج الشافعية على المالكية بما رواه ابن ماجه عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال ((عرفة كلها موقف وارتفعوا عن عرنة)) وضعفه النووى فى شرح المهذب ص 120 من الجزء الثامن بأن فيه من أجمع على تضعيفه ولا تقوم به حجة، ثم قال ورواه البيهقي من

الصفحة 125