كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 12)
-[نص خطبة يوم عرفة وكلام العلماء فى ذلك]-
أحرم قالوا هذا اليوم، قال فأى بلدٍ أحرم؟ قالوا هذا البلد، قال فأى شهرٍ أحرم؟ قالوا هذا الشَّهر، قال فإنَّ دماءكم وأموالكم عليكم حرامٌ كحرمة يومكم هذا فى شهركم هذا فى بلدكم هذا، هل بلغت؟ قالوا نعم، قال اللَّهم أشهد. اللهمّ اشهد
__________
كلامه؛ وفيه دلالة على حرص الصحابة رضى الله عنهم على سماع العلم وتحصيله من النبى صلى الله عليه وسلم حتى صغارهم (1) أى أعظم حرمة من سائر الأيام وهكذا يقال فى الباقى (2) زاد فى بعض الطرق وأعراضكم، والعرض بكسر العين موضع المدح والذم من الأنسان سواء أكان فى نفسه أو سلفه (قال الحافظ) هذا الكلام على حذف المضاف أى سفك دمائكم وأخذ أموالكم وثلب أعراضكم (3) أى متأكدة التحريم شديدته كحرمة يومكم هذا. يعنى يوم عرفة، فى شهركم هذا. يعنى ذا الحجة، فى بلدكم هذا. يعنى مكة (قال الحافظ) وفيه مشروعية ضرب المثل وإلحاق النظير بالنظير ليكون أوضح للسامع، وإنما شبه حرمة الدم والعرض والمال بحرمة اليوم والشهر والبلد لأن المخاطبين بذلك كانوا لا يرون تلك الأشياء ولا يرون هتك حرمتها ويعيبون على من فعل ذلك أشد العيب، وقال فى موضع آخر ومناط التشبيه فى قوله كحرمة يومكم وما بعده ظهوره عند السامعين لأن تحريم البلد والشهر واليوم كان ثابتًا فى نفوسهم مقررًا عندهم. بخلاف النفس والأموال والأعراض، فكانوا فى الجاهلية يستبيحونها. فطرأ الشرع عليهم بأن تحريم دم المسلم وماله وعرضه أعظم من تحريم البلد والشهر واليوم، فلا يرد كون المشبه به أخفض رتبة من الشبه لأن الخطاب إنما وقع بالنسبة لما اعتاده المخاطبون قبل تقرير الشرع اهـ (4) زاد فى رواية مسلم من حديث جابر ((ثلاث مرات)) يعنى أنه صلى الله عليه وسلم كرر لفظ اللهم اشهد ثلاث مرات. ومعناه اللهم اشهد على عبادك بأنهم قد أقروا أنى قد بلغت وكفى بك شهيدًا (فان قيل) ليس فى هذه الخطبة شئ من المناسك وكان مقتضى الظاهر أن يعلمهم المناسك بها (فالجواب) أنه صلى الله عليه وسلم اكتفى بفعله للمناسك لأنه أوضح من القول، على أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول لهم فى بعض الأحيان ما يلزم من القول كما تقدم فى الأحاديث، ثم اعتنى بهذه الخطبة وخصها بأهم الأحكام العامة التى يحتاج الناس اليها ولا يسعهم جهلها لأن اليوم يوم اجتماع، وإنما تنتهز مثل هذه الفرصة لمثل هذه التى يراد تبليغها الى جمهور الناس والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه من حديث نبيط بهذا اللفظ لغير الأمام أحمد وسنده جيد، وأخرجه (نس. جه) بلفظ الحديث المتقدم