كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 12)

-[آداب تتعلق بالذكر والدعاء ينبغى أن يحرص عليها الحاج يوم عرفة]-
.....
__________
وما رواه مسلم من حديث جابر ذكرته فى الزوائد (وفى أحاديث الباب أيضًا) مشروعية الذكر والدعاء بما ورد فيها مع رفع اليدين بالكيفية المتقدمة، وله أن يدعو بأى دعاء شاء والوارد أفضل (قال النووى) فى شرح المهذب السنة أن يكثر من الدعاء والتهليل والتلبية والاستغفار والتضرع وقراءة القرآن، فهذه وظيفة هذا اليوم ولا يقصر فى ذلك وهو معظم الحج ومطلوبه؛ وقد سبق فى الحديث الصحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم ((قال الحج عرفة)) فينبغى أن لا يقصر فى الاهتمام بذلك واستفراغ الوسع فيه، ويكثر من هذا الذكر قائمًا وقاعدًا ويرفع يديه فى الدعاء ور يجاوز بهما رأسه، ويستحب أن يخفض صوته بالدعاء، ويكره الأفراط فى رفع الصوت لحديث أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه قال ((كنا مع النبى صلى الله عليه وسلم فكنا إذا أشرفنا على واد هللنا وكبرنا ورفعت آصواتنا فقال النبى صلى الله عليه وسلم يا أيها الناس اربعوا على أنفسكم فانكم لا تدعون صمًا ولا غائبًا انه معكم. انه سميع قريب)) رواه البخارى ومسلم ((قلت والأمام أحمد أيضًا)) اربعوا بفتح الباء الموحدة، أى ارفقوا بأنفسكم، ويستحب أن يكثر التضرع والخشوع والتذلل والخضوع وإظهار الضعف والافتقار ويلح فى الدعاء ولا يستبطئ الأجابة، بل يكون قوى الرجاء للاجابة لحديث أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال ((يستجاب لأحدكم ما لم يعجل فيقول قد دعوت ولم يستجب لى)) رواه البخارى ومسلم ((قلت والأمام أحمد أيضًا)) (وعن عبادة بن الصامت) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما على الأرض مسلم يدعو الله تعالى بدعوة إلا آتاه الله إياها أو صرف من السوء مثلها ما لم يدع باثم أو قطيعة رحم، فقال رجل من القوم إذا نكثر، قال الله أكثر، رواه الترمذى وقال حديث حسن صحيح، قال ويستحب أن يكرر كل دعاء ثلاثًا ويفتتح دعاءه بالتحميد والتمجيد لله تعالى والتسبيح والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويختمه بمثل ذلك، وليكن متطهرًا متباعدًا عن الحرام والشبه فى طعامه وشرابه ولباسه ومركوبه وغير ذلك مما معه فان هذه آداب لجميع الدعوات، ويكثر من التلبية رافعًا بها صوته، وينبغى أن يأتى بالأذكار المتقدمة كلها فتارة يهلل وتارة يكبر وتارة يسبح وتارة يقرأ القرآن وتارة يصلى على النبى صلى الله عليه وسلم وتارة يدعو وتارة يستغفر، ويدعو مفردًا وفى جماعة. وليدع لنفسه ولوالديه ومشايخه وأقاربه وأصحابه وأصدقائه وأحبابه وسائر من أحسن اليه وسائر المسلمين، وليحذر كل الحذر من التقصير فى شئ من هذا فان هذا اليوم لا يمكن تداركه بخلاف غيره، وينبغى أن يكرر الاستغفار والتلفظ بالتوبة من جميع المخالفات مع الندم بالقلب، وأن يكثر البكاء مع الذكر والدعاء، فهناك تسكب العبرات وتستقال العثرات وترتجى الطلبات، وإنه لمجمع عظيم وموقف جسيم يجتمع فيه خيار عباد الله الصالحين وأوليائه المخلصين والخواص من المقربين، وهو أعظم مجامع الدنيا، وقد قيل إذا وافق يوم عرفة يوم جمعة غفر لكم أهل الموقف اهـ والله أعلم

الصفحة 134