كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 12)
-[كلام العلماء فى وضوء النبى صلى الله عليه وسلم عندما نزل بالشعب الذى بين عرفة ومزدلفة]-
(334) عن إبراهيم بن عقبة أخبرنى كريب أنَّه سأل أسامة بن زيدٍ قال قلت أخبرنى كيف صنعتم عشيَّة ردفت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال جئنا الشَّعب الَّذى ينيخ فيه النَّاس للمغرب فأناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته ثمَّ بال ماءًا، وما قال أهراق الماء، ثمَّ دعا بالوضوء فتوضَّأ وضوء ليس بالبالغ جدًّا قال قلت يا رسول الله الصَّلاة، قال الصَّلاة أمامك، قال فركب حتَّى قدم المزدلفة فأقام المغرب ثمَّ أناخ النَّاس فى منازلهم ولم يحلوُّا حتَّى أقام العشاء فصلَّى
__________
(334) عن إبراهيم بن عقبة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن آدم ثنا زهير ابراهيم بن عقبة- الحديث)) (غريبه) (1) بفتح الواو أى الماء لذى يتوضأ به (2) أى وضوءًا خفيفًا كما صرح بذلك فى رواية عند الشيخين أى خففه بأن توضأ مرة مرة. أو خفف استعمال الماء بالنسبة إلى غالب عادته. وهو معنى قوله فى رواية مالك عند البخارى بلفظ فلم يسبغ الوضوء (قال القرطبى) اختلف الشراح فى قوله ولم يسبغ الوضوء هل المراد به أنه اقتصر على بعض الأعضاء فيكون وضوءًا لغويًا أو اقتصر على بعض العدد فيكون وضوءًا شرعيًا؟ قال وكلاهما محتمل. لكن يعضد من قال بالثانى قوله فى الرواية الأخرى وضوءًا خفيفًا لأنه لا يقال فى الناقص خفيف، ومن موضحات ذلك قول أسامة له الصلاة فانه يدل على أنه رآه يتوضأ وضوءه للصلاة، ولذلك قال أتصلى، كذا قال ابن بطال وفيه نظر. لأنه لا مانع أن يقول له ذلك لاحتمال أن مراده أتريد الصلاة فلم لم تتوضأ وضوءها، وجوابه بأن الصلاة أمامك معناه أن المغرب لا تصلى هنا فلا تحتاج الى وضوء الصلاة، وكأن أسامة ظن أنه صلى الله عليه وسلم نسى صلاة المغرب ورأى وقتها قد كاد أن يخرج أو خرج فأعلمه النبى صلى الله عليه وسلم أنها فى تل الليلة يشرع تأخيرها لتجمع بعد العشاء بالمزدلفة. ولم يكن أسامة يعرف تلك السنة قبل ذلك ((وفى رواية للشيخين)) أن النبى صلى الله عليه وسلم توضأ بعد ذلك فأسبغ الوضوء وذلك حينما نزل بالمزدلفة (قال الخطابى) إنما ترك اسباغه حين نزل الشعب ليكون مصطحبًا للطهارة فى طريقه، وتجوَّز فيه لنه لم يرد أن يصلى به؟ فلما نزل وأرادها أسبغته. أفاده الحافظ (3) لفظ البخارى والأمام أحمد فى رواية ((فجاء المزدلفة فتوضأ فأسبغ ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب ثم أناخ كل انسان بعيره فى منزله ثم أقيمت الصلاة فصلى ولم يصل بينهما)) وهذه الرواية تفيد أنه صلى الله عليه وسلم توضأ وضوءًا آخر غير وضوئه في الشعب، ونقدم