كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 12)

(2) باب طواف القدوم والرمل والاضطباع فيه
(219) عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه (1) وقد وهنتهم حمى يثرب، قال فقال المشركون: إنه ثقدم (2) عليكم قوم قد وهنتهم الحمى، قال فأطلع الله النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، فأمر أصحابه أن يرملوا (3) وقعد المشركون ناحية الحجر ينظرون
__________
وجوبها فيه على الراجح عندهم والله أعلم اهـ (وفي حديث أبي بكر) الأخير من أحاديث الباب وحديث ابن عباس المذكور في الزوائد بلفظ كانت المرأة تطوف بالبيت وهي عاريانة إلخ دلالة على وجوب ستر العورة في الطواف وأنه يشترط لصحته، وإلى ذلك ذهب الأئمة (مالك، والشافعي، وأحمد) والجمهور وذهبت (الحنفية) إلى أنه ليس بشرط، فمن طاف عريانا عند الحنفية أعاد ما دام بمكة فإن خرج لزمه دم والله أعلم (وفي حديث أبي الزبير المكي المذكور في الزوائد) دلالة على صحة الطواف من المستحاضة باتفاق العلماء (تنبيه) اختلف العلماء في النية في طواف الحج أو العمرة، فذهب الأئمة (النووي وأبو حنيفة وجمهور الشافعية) وهو الصحيح عندهم، إلى أنه لا يفتقر شيء من أفعال الحج مطلقا إلى نية، لأن نية الحج تشملها كلها كما أن نية الصلاة تشمل جميع أفعالها ولا يحتاج إلى النية في ركوع أو غيره، ولأنه لو وقف بعرفة ناسيا أجزأه بالإجمعا (وذهب الأئمة أحمد واسحاق) وأبو ثور وابن القاسم المالكي وابن المنذر إلى أنه لا يصح إلا بالنية، لأنه عبادة تفتقر إلى البيت فافتقرت إلى النية كرعتي القيام، والظاهر الأول والله أعلم.
(220) عن سعيد بن جبير (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن زيد ثنا ايوب عن سعيد بن جبير - الحديث (غريبة) (1) يعني إلى مكة في عمرة القضية سنة سبع من الهجرة (2) بفتح الدال مضارع قدم بكسرها (وقولهم وهنتهم) أي أضعفتهم (ويثرب) بفتح الموحدة غير منصرف اسم المدينة المنورة في الجاهلية (3) بضم الميم مضارع رمل بفتحها، وتقدم معنى الرمل وهو الإسراع في المشي ليرى المشركون قوتهم بهذا الفعل لانه أقطع في تكذيبهم وأبلغ في نكايتهم، ولذا قالوا هؤلاء الذين تزعمون أن الحمى وهنتهم، هؤلاء أقوى من كذا وكذا (وقوله ومشوا ما بين الركنين) يعني الأسود واليماني، وذلك في الثلاثة الأشواط الأول كما يستفاد من حديثه التالي، والمعنى أنهم كانوا يرملون الشوط كله إلا في الموضع الذي بين الركن اليماني

الصفحة 15