كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 12)
-[بقية زوائد الباب وذكر مذاهب العلماء فى أحكامه]-
.....
__________
ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس ليلة المزدلفة اذهب بضعفائنا ونسائنا فليصلوا الصبح بمنى وليرموا جمرة العقبة قبل أن تصيبهم دفعة الناس، قال فكان عطاء يفعله بعد ما كبر وضعف (طح) (وعن عائشة رضى الله عنها) أن النبى صلى الله عليه وسلم أرسل أم سلمة رضى الله عنها يوم النحر فرمت قبل الفجر ثم أفاضت وكان ذلك اليوم الذى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها (د) قال النووى فى شرح المهذب وإسناده صحيح على شرط مسلم (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جواز الأفاضة من مزدلفة إلى منى قبل طلوع الفجر وقبل الوقوف بالمشعر الحرام للنساء والضعفة من الرجال والصبيان، ولكن لا يجزئ فى أول الليل اجماعا، ويستفاد من حديث أسماء رضى الله عنها أن وقت الأفاضة لهؤلاء يبتدئ من أول ثلث الليل الأخير لأنها أمرتهم بالارتحال بعد مغيب القمر ومغيبه عادة فى الليلة العاشرة من الشهر يكون فى هذا الوقت، أما غير هؤلاء فالسنة فى حقهم أن يصلوا الصبح أولا ثم يقفوا بالمشعر الحرام ثم يدفعوا منه إلى منه بعد الأسفار جدا قبيل طلوع الشمس، ونقدم الكلام على ذلك قبل باب، ويستفاد منه أيضا جواز رمى جمرة العقبة للضعفة المذكورين قبل طلوع الشمس ففيه أنها رمت الجمرة ثم رجعت فصلت الصبح فى منزلها (وفى حديث عائشة) أن سودة استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تفيض من جمع قبل أن تقف بالمشعر الحرام فأذن لها (وقد اختلف العلماء فى ذلك) فذهب عطاء بن أبى رباح المكى وطاوس بن كيسان ومجاهد وابراهيم النخعى والشعبى وسعيد بن الجبير (والشافعي) إلى جواز الرمى قبل طلوع الشمس بعد طلوع الفجر للذين يتقدمون قبل الناس، وحكى القاضى عياض أن مذهب الشافعى رمى الجمرة (لهؤلاء) من نصف الليل محتجاً بحديث عائشة المذكور فى الزوائد أن أم سلمة رضى الله عنها رمت قبل الفجر (وذهبت المالكية) إلى أن الزمن يحل بطلوع الفجر (وذهب الثورى والنخعي) إلى أن جمرة العقبة لا ترمى إلا بعد طلوع الشمس وهو مذهب الأئمة (أبى حنيفة وأبى يوسف ومحمد وأحمد واسحاق) قالوا فان رموها قبل طلوع الشمس أجزأهم وقد أساءوا، وسيأتى بيان وقت رمى جمرة العقبة لغير الضعفة ومذاهب الأئمة فى ذلك بعد بابين ان شاء الله، وقد استدل بحديث أسماء وحديث عائشة فى قصة سودة على اسقاط الوقوف بالمشعر الحرام عن الضعفة ولا حجة فيهما لأنه مسكوت عن الوقوف فيهما، وبينت ذلك رواية ابن عمر المذكورة فى الزوائد حيث كان يقدم ضعفه أهله فيقفون عند المشعر الحرام بالمزدلفة بالليل فيذكرون الله ما بدا لهم، ثم يدفعون قبل أن يقف الأمام - الحديث؛ وقد تقدم الكلام على حكم الوقوف بمزدلقة ومذاهب الأئمة فيه فى أحكام باب الوقوف بالمشعر الحرام صحيفة 157، والله الموفق