كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 12)
-[مذاهب العلماء فيما يجوز به التحلل - ومكان نحر الهدى - وهل الحلاق نسك أم لا]-
.....
__________
وعبد الله بن الحسين وخارجة بن زيد والشافعى وأبى ثور وأصحاب الرأى وهو الصحيح من مذهب الأمام أحمد (وروى عن ابن عباس والأمام أحمد) أنه يحل له كل شيء إلا الوطء فى الفرج لأنه أغلظ المحرمات ويفسد النسك بخلاف غيره (وقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه والأمام مالك) يحل له كل شيء إلا النساء والطيب، وروى ذلك عن ابن عمر وعروة ابن الزبير وعباد بن عبد الله بن الزبير لأنه من دواعى الوطء فأشبه القبلة، واستدلوا بالأثرين المذكورين فى الزوائد عن عمر، وبما أخرجه الحاكم عن ابن الزبير أنه قال إذا رمى الجمرة الكبرى حل له كل شيء حرم عليه إلا النساء والطيب حتى يزور البيت، وقال إن ذلك من سنة الحج، وبما أخرجه النسائى عن ابن عمر أنه قال إذا رمى وحلق حل له كل شيء إلا النساء والطيب، وهذه الآثار لا تصلح لمعارضة أحاديث الباب، وعلى فرض أن ما رواه الحاكم منها مرفوع فهو لا يقاوم الأحاديث المذكورة فى الباب لاسيما وهى مثبتة لحل الطيب (ويستفاد من أحاديث الباب أيضا) استحباب ترتيب أفعال الحج المشروعة فى يوم النحر بعد وصوله منى وهى أربعة. رمى جمرة العقبة أولا. ثم الذبح ثم الحلق. ثم طواف الأفاضة. وكلها ذكرت فى أحاديث الباب إلا طواف الأفاضة فسيأتى فى باب مخصوص، فان خالف ما ذكرنا من الترتيب فقدم مؤخرا أو أخر مقدما جاز لما سيأتى بعد باب من الأحاديث الصحيحة (ومنها) استحباب نحر الهدى بمنى، ويجوز حيث شاء من بقاع الحرم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم كل منى منحر وكل فجاج مكة منحر، وإذا نحر الهدى فرقه على المساكين من أهل الحرم، وهو من كان فى الحرم فان أطلقها لهم جاز، وستأتى أحكام الهدى فى كتاب الهدايا والضحايا بعد كتاب الحج إن شاء الله تعالى (وقد اختلف العلماء) فى الحلق هل هو نسك يثاب عليه ويتعلق به التحلل، أو هو استباحة محظور وليس بنسك، وإنما هو شيء أبيح له بعد أن كان حراما كالطيب واللباس وعلى هذا لا ثواب فيه ولا تعلق له بالتحلل؟ فذهب الأئمة (أبو حنيفة ومالك وأحمد وجمهور العلماء) إلى أنه نسك واجب من واجبات الحج يجبر بالدم (وللشافعية فى ذلك قولان) (أحدهما) وهو الأصح عندهم أنه نسك ركن من أركان الحج يفسد الحج بتركه ولا يجبر بالدم (والثاني) أنه استباحة محظور وليس بنسك (قال النووي) فى شرح المهذب وظاهر كلام ابن المنذر والأصحاب أنه لم يقل بأنه ليس بنسك إلا الشافعى فى أحد قوليه، ولكن حكاه القاضى عياض عن عطاء وأبى ثور وأبى يوسف (ويستفاد من أحاديث الباب أيضا) أن الحلق أفضل من التقصير لتكريره صلى الله عليه وسلم الدعاء للمحلقين مرارا وللمقصرين مرة واحدة مع سؤالهم له ذلك، ولو اقتصر على التقصير أجزأ (وإلى ذلك ذهب كافة العلماء) إلا ما حكاه ابن المنذر عن الحسن البصري أنه