كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 12)
-[ما ورد في تقصير معاوية عن النبى صلى الله عليه وسلم كان فى عمرة - وما يفعل من لا شعر برأسه]-
.....
__________
أبلغ العظمين. افصل الرأس من اللحية، وكان عطاء يقول من السنة إذا حلق رأسه أن يبلغ العظمين (قال ابن قدامة فى المغنى) والأصلع الذى لا شعر على رأسه يستحب أن يمر الموسى على رأسه، روى ذلك عن عمر؛ وبه قال مسروق وسعيد بن جبير والنخعى (ومالك والشافعي) وأبو ثور وأصحاب الرأى (قال ابن المنذر) أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن الأصلع يمر الموسى على رأسه وليس ذلك واجبا (وقال أبو حنيفة) يجب لأن النبى صلى الله عليه وسلم قال "اذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" لهذا لو كان ذا شعب وجب عليه ازالته وإمرار الموسى على رأسه، فإذا سقط أحدهما لتعذره وجب الآخر (قال ابن قدامة) ولنا أن الحلق محله الشعر فسقط بعدمه كما يسقط وجوب غسل العضو فى الوضوء بفقده، ولأنه إمرار لو فعله فى الأحرام لم يجب به دم، فلم يجب عند التحلل كأمراره على الشعر من غير حلق اهـ (فائدة) جاء فى أحاديث الباب أن معاوية رضى الله عنه قصر من رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم "وفى رواية" قال قصرت عن رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم عند المروة (قال النووي) رحمه الله هذا الحديث محمول على أنه قصر عن النبى صلى الله عليه وسلم فى عمرة الجعرانة، لأن النبى صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع كان قارنا، وثبت أنه صلى الله عليه وسلم حلق بمنى وفرق أبو طلحة رضى الله عنه شعره بين الناس. فلا يجوز حمل تقصير معاوية على حجة الوداع ولا يصح حمله أيضا على عمرة القضاء الواقعة سنة سبع من الهجرة، لأن معاوية لم يكن يومئذ مسلما إنما أسلم يوم الفتح سنة ثمان، هذا هو الصحيح المشهور، ولا يصح قول من حمله على حجة الوداع، وزعم أنه صلى الله عليه وسلم كان متمتعاً لأن هذا غلط فاحش، فقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة السابقة فى مسلم وغيره أن النبى صلى الله عليه وسلم قيل له ما شأن الناس حلوا ولم تحل أنت، فقال إنى لبدت رأسى وقلدت هديى فلا أحل حتى أنحر الهدى "وفى رواية" حتى أحل من الحج والله أعلم اهـ (وقال الحافظ ابن القيم) فى الهدى الأحاديث الصحيحة المستفيضة تدل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يحل من احرامه إلى يوم النحر كما أخبر عن نفسه بقوله فلا أحل حتى أنحر، وهو خبر لا يدخله الوهم بخلاف خبر غيره، ثم قال ولعل معاوية قصر عنه فى عمرة الجعرانة فنسى بعد ذلك وظن أنه كان فى حجته اهـ (وقال الحافظ) فى الفتح أخرج الحاكم فى الأكليل فى آخر قصة غزوة حنين أن الذى حلق رأسه صلى الله عليه وسلم فى عمرته التى اعتمرها فى الجعرانة أبو هند عبد بنى بياضة، فان ثبت هذا وثبت أن معاوية كان حينئذ معه أو كان بمكة فقصر عنه بالمروة أمكن الجمع بأن يكون معاوية قصر عنه أوَّلا وكان الحلاق غائبا فى بعض حاجته ثم حضر فأمره أن يكمل ازالة الشعر بالحلق لأنه أفضل ففعل، وان ثبت أن ذلك كان فى عمرة القضية وثبت أنه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم