كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 12)

-[كلام العلماء فى حديثى أم سلمة وعكاشة بن محصن وأنهما منسوخان والعمل على غيرهما]-
.....
__________
مالك (وقال الأمام أبو حنيفة) إن رجع الى وطنه قبل الطواف لزمه العود للطواف فيطوف وعليه دم للتأخير، وهو الرواية المشهورة (عن الأمام مالك) احتج الجمهور بأن الأصل عدم الدم حتى يرد الشرع به والله أعلم (وذهب جماعة) منهم طاوس ومجاهد وعروة إلى أنه صلى الله عليه وسلم لم يطف فى ذلك اليوم، وإنما أخره إلى الليل عملا بظهر حديث الباب المروى عن ابن عباس وعائشة، وهو الثانى من أحاديث الباب، وأجاب عنه الجمهور بأنه ليس على ظاهره، وتقدم ما قاله النووى فى تأويله، أو يحمل على ما رواه ابن حبان أنه صلى الله عليه وسلم رمى جمرة العقبة ونحر ثم تطيب للزيارة ثم أفاض وطاف بالبيت طواف الزيارة ثم رجع إلى منى فصلى الظهر بها والعصر والمغرب والعشاء ورقد رقدة بها، ثم ركب إلى البيت ثانيا وطاف به طوافا آخر بالليل (وروى البيهقي) أنه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كان يزور البيت كل ليلة من ليالى منى (وفى حديث أم سلمة وعكاشة بن محصن) المذكورين آخر الباب دلالة على أن من تحلل التحلل الأول برمى جمرة العقبة والذبح والحلق أو التقصير ولم يطف طواف الأفاضة يوم النحر حتى أمسى رجع حراما كما كان قبل رمى الجمرة، وهو مخالف لما تقدم فى الباب السابق عن عائشة وابن عباس وغيرهما فى الزوائد من أن المحرم إذا رمى جمرة العقبة ثم ذبح وحلق حل له كل شيء إلا النساء، وقد استشكله النووى لمخالفته للأحاديث المذكورة مع قوله بأن اسناده صحيح، قال والجمهور على الاحتجاج بمحمد بن اسحاق إذا قال حدثنا وان عابوا عليه التدليس. والمدلس اذا قال حدثنا احتج به (قلت وقد قال محمد بن اسحاق فى هذا الحديث حدثنى ابو عبيدة الخ) قال النووى واذ ثبت أن الحديث صحيح فقد قال البيهقى لا أعلم احدا من الفقهاء قال به، هذا كلام البيهقى (قال النووي) قلت فيكون الحديث منسوخاً دلَّ الأجماع على نسخه فان الاجماع لا ينسخ ولا يُنسخ، لكنى دل على ناسخ والله أعلم اهـ ج. قال صاحب فتح الودود، شرح سنن أبى داود، ولعل من لا يقول به يحمله على التغليظ والتشديد فى تأخير الطواف عن يوم النحر والتأكيد فى اتيانه يوم النحر، وظاهر الحديث يأبى هذا الحمل والله أعلم اهـ، وأفضل أوقات طواف الأفاضة قبل الزوال من يوم النحر بعد فراغه من الأعمال الثلاثة، وهى الرمى والذبح والحلق كما يستفاد ذلك من حديث ابن عمر (قال النووي) فى شرح المهذب (قال أصحابنا) ويستحب أن يعود إلى منى قبل صلاة الظهر فيصلى الظهر بمنى (قال أصحابنا) ويكره تأخير الطواف عن يوم النحر وتأخيره عن أيام التشريق أشد كراهة وخروجه من مكة بلا طواف أشد كراهة، ومن لم يطف لا يحل له النساء وإن مضت عليه سنون (قال أصحابنا) ولو طاف للوداع ولم يكن طاف الأفاضة وقع عن طواف الأفاضة وأجزأه؛ قال فاذا طاف، فان لم يكن سعى بعد طواف القدوم لزمه السعى بعد طواف الإفاضة ولا يزال

الصفحة 205