كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 12)
.
__________
إلى أنه إنما يُستلم الركنان فقط لأحاديث الباب، واحتج من رأى استلام جميعها بما روي عن جابر قال: كنا نرى إذا طفنا أن نستلم الأركان كلها. وسيأتي الكلام عليه في الباب التالي، وإنما خُص الركنان المذكوران بالاستلام دون غيرها لما تقدم أنهما على قواعد إبراهيم وخص الحجر الأسود بالتقبيل لما ثبت في فضله وأنه من الجنة (قال النووي) رحمه الله وقد أجمعت الأمة على استحباب استلام الركنين اليمانيين، واتفق الجمهور على أنه لا يمسح الركنين الآخرين اهـ. وذهب بعض أهل العلم إلى استحباب تقبيل الركن اليماني ووضع الخد عليه عملا بحديث ابن عباس المذكورين في الزوائد، رواه البيهقي ورواه أيضا البخاري في التاريخ والدراقنطي وهو ضعيف. والثابت عند الشيخين والأمام أحمد وغيرهم من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستلمه فقط، فإن صح حديث ابن عباس حمل على أنه أراد الأسود بقوله اليماني لأنه يقال اليماني أيضا، وقد أشار إلى ذلك البيهقي والله تعالى أعلم، (أما تقبيل الحر الأسود خاصة) فقد أجمع العلماء على أنه من سنن الطواف أيضا إن قدر، وإن لم يقدر على الدخول إليه قبل يده لحديث نافع المذكور في الزوائد قال " رأيت ابن عمر استلم الحجر بيده ثم قبل يده وقال ما تركته منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يفعله" رواه الشيخان وغيرهما (قال النووي) رحمه الله فيه استحباب تقبيل اليد بعدم استلام الحجر الأسود إذا عجز عن تقبيل الحجر، وهذا الحديث محمول على من عجز عن تقبيل الحجر وإلا فالقادر يقبل الحجر ولا يقتصر في اليد على الاستلام بها، وهذا الذي ذكرناه من استحباب تقبيل اليد بعد الاستلام للعاجز هو مذهبنا ومذهب الجمهور (وقال القاسم) بن محمد التابعي المشهور لا يستحب التقبيل (وبه قال مالك) في أحد قوليه والله أعلم اهـ (وفي حديثي ابن عمر وابن عباس) المذكورين في الزوائد مشروعية تقبيل الحجر والسجود عليه ووضع الخد (أما التقبيل والسجود) فقد جاء في حديث ابن عمر (وأما التقبيل ووضع الخد) فقد جاء في حديث ابن عباس عند الحاكم وغيره، وقد جاء معنى ذلك في حديث سويد بن غفلة عند مسلم والنسائي، قا ل رأيت عمر قبل الحجر والتزمه، وقال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بك حفيا (يعني معتنيا) فالسجود ووضع الخد من معاني الالتزام (قال النووي) في قوله والتزمه إشارة إلى استحباب السجود على الحجر الأسود بأن يضع جبهته عليه، فيستحب أن يستلمه ثم يقبله ثم يضع جبهته عليه. هذا مذهبنا ومذهب الجمهور، وحكاه ابن المنذر عن عمر بن الخطاب وابن عباس وطاوس والشافعي وأحمد قال (يعنى ابن المنذر) وبه أقول قال وقد روينا فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم (وانفرد مالك عن العلماء) فقال السجود عليه بدعة واعترف القاضي عياض المالكي بشذوذ مالك في هذه المسألة عن العلماء (وأما الركن اليماني)