كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 12)

.
__________
فيستلمه ولا يقبله بل يقيد اليد بعد استلامه، هذا مذهبنا وبه قال جابر بن عبد الله وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة، وقال أبو حنيفة لا يستلمه. وقال مالك وأحمد يستلمه ولا يقبل اليد بعده (وعن مالك) رواية أنه يقبله. وعن أحمد رواية أنه يقبله. والله أعلم (وأما قول عمر رضي تعالى الله عنه) لقد علمت أنك حجر وإني لأعلم أنك حجر وأنك لاتضر ولا تنفع، فأراد به بيان الحث على الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في تقبيله. ونبه على أنه لولا الاقتداء به صلى الله عليه وسلم لما فعله، وإنما قال وإنك لا تضر ولا تنفع لئلا يغتر بعض قربى العهد بالإسلام الذين كانوا ألفوا عبادة الأحجار وتعظيمها رجاء نفعها وخوف الضرر بالتقصير في تعظيمها. وكان العهد قريبا بذلك، فخاف عمر رضي الله عنه أن يراه بعضهم يقبله ويعتني به، فيشتبه عليه، فبين أنه لا يضر ولا ينفع بذاته وإن كان امتثال ما شرع فيه ينفع بالجزاء والثواب فمعناه أنه لا قدرة له على نفع ولا ضرر وأنه حجر مخلوق كباقي المخلوقات التي لا تضر ولا تنفع، وأشاع عمر هذا في الموسم ليشهد له البلدان ويحفظ عنه أهل الموسم المختلفوا الأوطان والله أعلم اهـ (وقال المهلب) حديث عمر هذا يرد على من قال إن الحجر يمين الله في الأرض يصافح بها عباده (قلت الحجر يمين الله إلخ - جاء في حديث مرفوع عن جابر عند الخطيب وابن عساكر والطبراني ولكنه ضعيف) قال ومعاذ الله أن يكون لله جارحة، وإنما شرع تقبيله اختبارا ليعلم بالمشاهدة طاعة من يطيع وذلك شبيه بقصة إبليس حيث أمر بالسجو لآدم (وقال الخطابي) معنى أنه يمين الله في الأرض ان من صافحه في الأرض كان له عند الله عهد، وجرت العادة أن العهد يعقده الملك بالمصافحة لمن يريد موالاته والاختصاص به فخاطبهم بما يعهدونه (وقال المحب الطبري) معناه أن كل ملك إذا قدم ... عليه الوافد قبل يمينه، فلما كان الحاج أول ما يقدم يسن له تقبيله نزل منزلة يمين الله ولله المثل الإعلى (قال الحافظ) وفي قول عمر هذا التسليم للشارع في أمور الدين وحسن الاتباع فيما لا يكشف عن معانيها، وهو قاعدة عظيمة في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم فيما يفعله ولو لم يعلم الحكمة (وفيه) دفع ما وقع لبعض الجهال من أن في الحجر الأسود خاصة ترجع إلى ذاته (وفيه) بيان السنن بالقول والفعل وأن الإمام إذا خشي على أحد من فعله فساد اعتقاد أن يبادر إلى بيان الأمر ويوضح ذلك اهـ
(تتمة في عدم الاغترار بقول القائلين بجواز تقبيل قبره صلى الله عليه وسلم ومنبره وقبور الصالحين)
ذكر بعض شراح البخاري عن بعض العلماء جواز تقبيل قبره صلى الله عليه وسلم ومنبره وقبور الصالحين وأيديهم لأجل التبرك بذلك قياسا على تقبيل الحجر الإسود، ولا أوافقهم على هذا، بل ما ورد فيه نص صريح عن الشارع قبلناه وعملنا بمقتضاه وما لا فلا، نعم ورد أن بعض الصحابة

الصفحة 38