كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 12)

__________
قبل يد النبي صلى الله عليه وسلم وبعضهم قبل جبهته، وقبل بعض التابعين يد بعض الصحابة، وتقبيل اليد من كتاب الأدب إن شاء الله تعالى، وعلى هذا فيجوز تقبيل يد الصالحين والوالدين ومن ترجى بركتهم. أما تقبيل قبره صلى الله عليه وسلم ومنبره وقبور الصالحين فم يرد أن أحدا من الصحابة أو التابعين فعل ذلك، بل ورد النهي عنه فقد روى أبو داود بسند حسن من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" لا تجعلوا بيوتكم قبوار ولا تجعلوا قبري عيدا وصلوا على فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم) ولهذا الحديث شواهد صادقة من أوجه مختلفة، منها عن على بن الحسين أنه رأى رجلا يجئ إلى فرجة كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيدخل فيها فيدعو فنهاه وقال ألا أحدثكم حديثا سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لاتتخذوا قبري عيدا ولا بيوتكم قبورا، فإن تسليمكم يبلغني أين كنتم، رواه الضياء في المختارة وأبو يعلى والقاضي اسماعيل (وقال سعيد بن منصور) في سننه حدثنا عبد العزيز بن محمد أخبرني سهل بن سهيل قال: رآني الحسن بن الحسن بن على بن أبي طالب عند القبر فناداني وهو في بيت فاطمة يتعشى فقال هلم إلى العشاء، فقلت لا أريده، فقال مالي رأيتك عند القبر فقلت سلمت على النبي صلى الله عليه وسلم فقال إذا دخلت المسجد فسلم، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تتخذوا قبري عيدا ولا تتخذوا بيوتكم مقابر وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم، لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، ما أنتم ومن بالأندلس إلا سواء، وفسر الحافظ ابن القيم العيد في قوله صلى الله عليه وسلم " لا تتخذوا قبري عيدا" بما يعتاد مجيئه وقصده من زمان ومكان مأخوذ من المعاودة والاعتياد، فإذا كان اسما للمكان فهو المكان الذي يقصد فيه الاجتماع والانتياب بالعبادة وبغيرها كما أن المسجد الحرام ومنى ومزدلفة وعرفة والمشاعر جعله الله تعالى عيدا للحنفاء ومثابة للناس كما جعل أيام العيد منها عيدا، وكان للمشركين أعياد زمانية ومكانية، فلما جاء الله بالإسلام أبطلها وعوض الحنفاء منها عيد الفطر وعيد النحر كما عوضهم عن أعياد المشركين المكانية بكعبة ومنى ومزدلفة وسائر المشاعر اهـ (وقال شيخ الإسلام) الحافظ بن تيمية رحمه الله معنى الحديث لا تعطلوا البيوت من الصلاة فيها والدعاء والقراءة فتكون بمنزلة القبور فأمر بتحري العبادة بالبيوت ونهى عن تحريها عند القبور عكس ما يفعله المشركون من النصارى ومن تشبه بهم من هذه الأمة، والعيد اسم لما يعود من الاجتماع العام على وجه معتاد عائد أما بعود السنة أو الأسبوع أو الشهر ونحو ذلك " وقوله وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم" يشير إلى أن منا ينالنى منكم من الصلاة والسلام يحصل مع قربكم من قبري وبعدكم عنه فلا حاجه بكم إلى اتخاذه عيدا اهـ (وروى الشيخان والإمام أحمد عن

الصفحة 39