كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 12)
.
__________
عن الجدر (بفتح الجيم وسكون المهملة لغة في الجدار) أمن البيت هو؟ قال نعم. ولأبى داود الطيالسي في مسنده عن الأحوص شيخ مسدد وفيه " الجدر أو الحجر" بالشك (ولأبى عوانة) من طريق شيبان عن الأشعث " الحجر" بغير شك وتقدم في الشرح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لو وليت من البيت ما ولى ابن الزبير لأدخلت الحجر كله في البناء فلم يطاف به إذا لم يكن من البيت؟ ولأبي داود وأبى عوانة والإمام أحمد عن عائشة وسيأتى في (باب الصلاة في الحجر كالصلاة في الكعبة) وفيه أنها أرسلت إلى شيبة الحجي ليفتح لها الباب بالليل فقال ما فتحناه في جاهلية ولا إسلام بليل وهذه الروايات كلها مطلقة ولكنها مقيدة بروايات صحيحة أيضا (منها عند مسلم) من حديث عائشة " حتى أزيد فيه من الحجر" وله من وجه آخر عنها مرفوعا بلفظ " فإن بدا لقومك أن يبنوه بعدي فهلمي أريك ما تركوا منه فأراها قريبا من سبعة أذرع" (وله أيضا) عنها مرفوعا بلفظ " وزدت فيها من الحجر سبعة أذرع" وفي رواية للبخاري عن عروة " أن ذلك مقدار ستة أذرع" ولسفيان بن عينية في جامعه أن ابن الزبير زاد ستة أذرع وله أيضا أنه زاد ستة أذرع وشبرا، ووهذا ما ذكره الإمام الشافعي عن عدد لقيهم من أهل العلم من قريش كما أخرجه البيهقي في المعرفة عنه، وقد اجتمع من الروايات ما يدل على أن الزيادة فوق ستة أذرع إلى سبعة، وأما ما رواه مسلم عن عطاء عن عائشة مرفوعا بلفظ " لكنت أدخل فيها من الحجر خمسة أذرع، فقد قال الحافظ هي شاذة، والروايات السابقة أرجح لما فيها من الزيادة عن الثقات الحفاظ (قال الحافظ) ثم ظهر لي لرواية عطاء وجه، وهو أنه أريد بها ما عند الفرجة التي بين الركن والحجر فتجتمع مع الروايات الأخرى فإن الذي عدا الفرجة أربعة أذرع وشيء، ولهذا وقع عند الفاكهي من حديث أبى عمرو بن عدي بن الحمراء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة في هذه القصة ولأدخلت فيها من الحجر أربعة أذرع، فيحمل هذا على الغاء الكسر، ورواية عطاء على جبره، وتحصّل الجمع بين الروايات كلها بذلك، أفاده الحافظ (وقال النووي) رحمه الله قال أصحابنا ست أذرع من الحجر مما يلى البيت محسوبة من البيت بلا خلاف، وفي الزائد خلاف فإن طاف في الحجر وبينه وبين البيت أكثر من ستة أذرع ففيه وجهان لأصحابنا (أحدهما) يجوز لظواهر هذه الأحاديث وهذا هو الذي رجحه جماعة من أصحابنا الخراسانيين (والثاني) لا يصح طوافه في شيء من الحجر ولا على جداره ولا يصح حتى يطوف خارجا من جميع الحجر، وهذا هو الصحيح وهو الذي نص عليه الشافعي وقطع به جماهير أصحابنا العراقيين (ورجحه جمهور الأصحاب، وبه قال جميع علماء المسلمين سوى أبى حنيفة) فإنه قال إن طاف في الحجر وبقى في مكة أعاده وإن رجع