كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 12)
.
__________
(عن جابر وابن عمر وابن عباس) رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يطف هو وأصحابه لعمرتهم وحجتهم إلا طوافا واحدا أورده الهيثمي وقال رواه أبو يعلى وفيه ليث بن أبى سليم وهو ثقة لكنه مدلس (وأخرج عبد الرزاق) عن طاوس بإسناد صحيح أنه حلف ما طاف أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لحجته وعمرته إلا طوافا واحدا (وعن مجاهد عن عائشة) رضي الله عنها أنها حاضت بسرف فتطهرت بعرفة، فقال لها رسول الله يجزئ عنك طوافك بالصفا والمروة عن حجك وعمرتك، رواه مسلم. وجاء معناه عند الإمام أحمد في أحاديث تقدمت (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن المفرد وهو الذي أحرم بالحج مفردا يشرع له طواف القدوم والسعي بين الصفا والمروة قبل الوقوف بعرفة ثم يطوف بالبيت يوم النحر طواف الإفاضة وهو أحد أركان الحج، ثم يتحلل من حجه بدون سعى بين الصفا والمروة اكتفاء بالسعي الأول، كما يستفاد من حديث ابن عمر المذكور أول الباب، وبه قال ابن عمر (قال النووي) هذا الذى قاله ابن عمر هو اثبات طواف القدوم للحاج وهو مشروع قبل الوقوف بعرفات، وبهذا الذى قاله ابن عمر قال العلماء كافة سوى ابن عباس، وكلهم يقولون إنه سنة ليس بواجب إلا بعض أصحابنا ومن وافقه فيقولون واجب يجبر تركه بالدم، والمشهور أنه ليس بواجب ولا دم في تركه، فإن وقف بعرفات قبل طواف القدوم فات، فإن طاف بعد ذلك بنية طواف القدوم لم يقع عن طواف القدوم بل يقع عن طواف الإفاضة إن لم يكن طاف للإفاضة، فإن كان طاف للإفاضة وقع الثاني تطوعا عن القدوم، ولطواف القدوم اسماء، طواف القدوم والقادم والورود والوارد والتحية، وليس في العمرة طواف قدوم بل الطواف الذى يفعله فيها يقع ركنا لها، حتى لو نوى به طواف القدوم وقع ركنا ولغت نيته كما لوكان عليه حجة واجبة فنوى حجة تطوع فإنها تقع واجبة والله أعلم (وفي أحاديث الباب أيضا) دلالة على أن القارن " وهو الذى أحرم بحج وعمرة معا" يشرع له طواف القدوم أيضا والسعى بعده، ثم يطوف يوم النحر طواف الإفاضة ثم يتحلل من حجه بدون سعى بين الصفا والمروة كما تقدم في المفرد سواء بسواء (وفي قوله في حديث جابر) لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا طوافه الأول وفي قوله في حديث الثاني: قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فطفنا بالبيت وبين الصفا والمروة فلما كان يوم النحر لم نقرب الصفا والمروة في هذا دلالة ظاهرة للشافعية وموافقيهم في أن القارن ليس عليه إلا طواف واحد للإفاضة وسعى واحد (وممن قال بهذا) ابن عمر وجابر ابن عبد الله وعائشة وطاوس وعطاء والحسن البصري ومجاهد ومالك وابن الماجشون وأحمد وإسحاق وداود وابن المنذر (وقالت طائفة) يلزمه طوافان