كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 12)

عز وجل " إن الصفا (1) والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه (2) أن يطوف بهما" والله ما على أحد جناح أن لا يطوف بهم (3) قالت بئسما قلت يا ابن أختى إنها لو كانت كما أولتها عليه كانت فلا جناج عليه أن لا يطوف بهما (4) إنما أنزلت إن هذا الحي من الإنصار كانوا قبل أن يسلموا يهلوا (5)
__________
إبراهيم ثنا ابن شهاب عن عروة - الحديث (غريبة) (1) الصفا في الأصل جمع صفاة، وهي الصخرة والحجر الأملس (والمروة) في الأصل حجر أبيض براق، والمراد بهما هنا جبلا السعى اللذين يسعى من أحدهما إلى الآخر (وقوله من شعائر الله) أي المعالم التي ندب الله إليها وأمر بالقيام عليها. قال الأزهري (وقال الجوهري) الشعائر أعمال الحج وكل ما جعل على الطاعة لله (2) أي لا إثم عليه (وقوله أن يطوف) بشد الطاء المهملة، أصله يتطوف ابدلت التاء طاء لقرب مخرجه وادغمت التاء في الطاء (وقوله بهما) أي يسعى بينهما (3) إنما قال ذلك عروة لأنه فهم من مفهوم الآية أن السعي ليس بواجب لأنها دلت على رفع الجناج وهو الأثم من فاعله وذلك يدل على إباحته، ولو كان واجبا لما قيل فيه ذلك لأن رفع الإثم علامة الإباحة ويزاد المستحب بإثبات الأجر والوجوب بعقاب التارك، فقالت عائشة رضي الله عنها ردا عليه" بئسما قلت يا ابن أختى إلخ" (4)
قال العلماء هذا من دقيق علمها وفهمها الثاقب وكبير معرفتها بدقائق الألفاظ، لأن الآية الكريمة إنما دل لفظها على رفع الجناج عمن يطوف بهما، وليس فيه دلالة على عدم وجوب السعي ولا على وجوبه فأخبرته عائشة رضي الله عنها أن الآية ليست فيها دلالة للوجوب ولا لعدمه وبينت السبب في نزولها والحكمة في نظمها وأنها نزلت في الأنصار حين تحرجوا من السعي بين الصفا والمروة في الإسلام وأنها لو كانت كما يقول عروة لكانت فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما، وقد يكون الفعل واجبا ويعتقد الإنسان أنه يمنع إيقاعه على صفة مخصوصة وذلك كمن عليه صلاة الظهر وظن أنه لا يجوز فعلها عند غروب الشمس فسأل عن ذلك فيقال في جوابه لا جناح عليك إن صليتها في هذا الوقت فيكون جوابا صحيحا ولا يقتضي نفي وجوب صلاة الظهر (5) أي يحجوا (ومناة) بفتح الميم وتخفيف النون وبعد الألف تاء مثناة من فوق وهو اسم صنم كان في الجاهلية، وقال ابن الكلبي كانت صخرة نصبها عمرو بن لحي بجهة البحر فكانوا يعبدونها وقيل هي صخرة لهذيل بقديد، وسميت مناة لأن النسائك كانت تمنى بها أي تراق، وقال الحازمي هي على سبعة أميال

الصفحة 75