كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 12)

__________
ونقله الرافعي عن جمهور الأصحاب، وقال الشيخ أبو محمد الجويني ليست العليا على طريق المدينة بل عدل إليها النبي الله صلى الله عليه وسلم متعمدا لها، قال فيستحب الدخول منها لكل أحد، قال ووافق إمام الحرمين الجمهور في الحكم، ووافق أبا محمد في أن موضع الثنية كما ذكره، وهذا الذي قاله أبو محمد من كون الثنية ليست على نهج الطريق بل عدل إليها هو الصواب الذي يقضي به الحس والعيان، فالصحيح استحباب الدخول من الثنية العليا لكل محرم قصد مكة سواء كانت في طريقه أم لا، وهو ظاهر نص الشافعي في المختصر ومقتضى اطلاقه، فإنه قال ويدخل المحرم من ثنية كداء، ونقله صاحب البيان عن عامة الأصحاب اهـ (قال الطيبي) وإنما فعل الله صلى الله عليه وسلم هذه المخالفة في الطريق داخلا أو خارجا للفأل بتغير الحال إلى أكمل منه كما فعل في العيد ليشهد له الطريقان وليتبرك به أهلهما اهـ (قال الحافظ) وقيل الحكمة في ذلك المناسبة بجهة العلو عند الدخول لما فيه من تعظيم المكان، وعكسه الإشارة إلى فراقه وقيل لأن إبراهيم لما دخل مكة دخل منها، وقيل لأنه الله صلى الله عليه وسلم خرج منها مختفيا في الهجرة فأراد أن يدخلها ظاهرا عليا، وقيل لأن من جاء من تلك الجهة كان مستقبلا للبيت، ويحتمل أن يكون ذلك لكونه دخل منها يوم الفتح فاستمر على ذلك، والسبب في ذلك قول أبي سفيان بن حرب للعباس لا أسلم حتى أرى الخيل تطلع من كداء، فقلت ما هذا؟ قال شيء طلع بقلبي، وأن الله لا يطلع الخيل هناك أبدا، قال العباس فذكرت أبا سفيان لذلك لما دخل (وللبيهقي من حديث ابن عمر) قال قال النبي الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لأبي بكر كيف قال حسان فأنشده:
عدمت بنيتي إن لم تروها ... تثير النقع مطلعها كداء
فتبسم وقال ادخلوها من حيث قال حسان (تنبيه) حكى الحميدي عن ابي العباس العذري أن بمكة موضعا ثالثا يقال له كدى وهو بالضم والتصغير يخرج منه إلى جهة اليمين قال المحب الطبري حققه العذري عن أهل المعرفة بمكة، قال وقد بني عليها باب مكة الذي يدخل منه أهل اليمن. أفاده الحافظ ومن أحكام الباب أيضا استحباب دخول مكة نهارا لحديثي ابن عمر المذكورين في الباب وإليه ذهب ابن عمر رضي الله عنهما، وعطاء والنخعي واسحاق بن راهوية وابن المنذر وجمهور العلماء وللشافعية في ذلك أقوال (قال النووي) قال أصحابنا له دخول مكة ليلا ونهارا ولا كراهة في واحد منهما فقد تثبت الأحاديث فيها " يشير إلى حديثي ابن عمر في دخوله نهارا وإلى حديث محرش الكعبي الصحابي أن رسول الله الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة ليلا في عمرة الجعرانة، وقد أشرنا إليه في الشرح"
قال وفي الفضيلة وجهان أصحهما دخولها نهارا أفضل، حكاه ابن الصباغ وغيره عن أبي اسحاق

الصفحة 9