كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 12)
وعلى آله وصحبه وسلم لبّد رأسه وأهدى، فلما قدم مكة أمر نساءه أن يحللن (1) قلنا مالك أنت لا تحل؟ قال إنى قلّدت هديي ولبدت رأسى فلا أحل حتى أحل من حجتى وأحلق رأسي
__________
فليح عن نافع عن ابن عمر - الحديث (غريبة) (1) ليس الأمر قاصرا على نسائه صلى الله عليه وسلم بل لكل من لم يكن معه هدي من الصحابة رضى الله عنهم رجالا ونساء (تخريجه) لم أقف عليه من مسند ابن عمر إلا عند الإمام أحمد وسنده جيد (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن القارن والمحرم بالحج وحده لا يجوز لهما التحلل من الإحرام إلا بعد الوقوف ورمي الجمار والفراغ من أفعال الحج كلها، وذلك باتفاق العلماء
(وفي أحاديث الباب أيضا) مشروعية التلبيد للمحرم وتقليد الهدي، وهومتفق على استحبابه (وحديث عائشة) المذكور أول الباب يدل على أن المعتمر المتمتع إذا كان معه هدي لا يتحلل من عمرته حتى ينحر هديه يوم النحر (وإلى ذلك ذهب الإمامان أبو حنيفة وأحمد وآخرون) قالوا إن لم يكن معه هدي تحلل، فإن كان معه هدي لم يجز أن يتحلل بل يقيم على إحرام حتى يحرم بالحج ويتحلل منهما جميعا (واستدلوا أيضا بحديث حفصة) المذكور في الباب بلفظ " قلت يا رسول الله ما شأن الناس حلوا ولم تحل من عمرتك، قال إني قد قلدت هديي ولبدت رأسى فلا أحل حتى أحل من الحج" (وذهب الإمامان مالك والشافعي) وآخرون إلى أن المتمتع إذا فرغ من أفعال العمرة صار حلالا وحل له الطيب واللباس والنساء وكل محرمات الإحرام سواء أكان ساق الهدي أم لا، وأجابوا عن حديث عائشة بأنه مختصر من حديثها الآخر عند مسلم والإمام أحمد أيضا، وتقدم الكلام عليه في شرح حديث الباب فارجع إليه، وأجابوا عن حديث حفصة بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان مفرداأو قارنا كما سبق تحقيقه ولهذا قال " لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة" فلا حجة لهم فيه، لكن حديث عائشة قوي في الدلالة للحنفية والحنابلة لاسيما وقد رواه البخاري بلفظ من أحرم بعمرة فأهدى فلا يحل حتى ينحر" وتأويله المالكية والشافعية أيضا على أن معناه ومن أحرم بعمرة فأهدى فأهل بالحج فلا يحل حتى ينحر هديه ولا يخفى ما فيه من التعسف والله أعلم (وفي الطريق الثانية) من حديث عائشة دلالة ذهب إليه الجمهور أن المعتمر لا يحل حتى يطوف ويسعى ويحلق أو يقصر (قال ابن بطال) لا أعلم خلافا بين أئمة الفتوى أن المعتمر لا يحل حتى يطوف ويسعى إلا ما شذ به ابن عباس فقال يحل من العمرة بالطواف، ووافقه ابن راهوية (ونقل القاضى عياض) عن بعض أهل العلم