كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 12)

قال فقال الناس يا رسول الله قد أحرمنا بالحج فكيف نجعلها عمرة؟ (1) قال انظروا ما آمركم به فأفعلوا، فردوا عليه القول فغضب (2) ثم انطلق حتى دخل على عائشة غضبان، فرأت الغضب في وجهه فقالت من أغضبك أغضبه الله؟ قال ومالي لا أغضب وأنا آمر بالأمر فلا أتبع (3)
(295) عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت قدم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لأربع مضين من ذي الحجة (4) فدخل على وهو غضبان فقلت من أغضبك يا رسول الله أدخله الله النار؟ فقال وما شعرت أنى أمرت الناس بأمر فإذاهم يترددون، قال الحكم كأنهم أحسب (5) ولو أني
__________
إحرامكم بالحج عمرة وتحللوا بعمل العمرة، وهومعنى فسخ الحج إلى العمرة (1) هذا دليل ظاهر لمذهب الشافعي ومالك وموافقيها في ترجيح الأفراد وأن أكثرهم كانوا محرمين بالحج، ويتأول رواية من روى متمتعين أنه أراد في آخر الأمر صاروا متمتعين (2) أما غضبه صلى الله عليه وسلم فلانتهاك حرمة الشرع وترددهم في قبول حكمه كما جاء في حديث عائشة الآتى بعد هذا قال (فإذاهم يترددون) وقد قال الله تعالى: " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما" فغضب صلى الله عليه سلم لما ذكرناه من انتهاك حرمة الشرع والحزن عليهم في نقض إيمانهم بتوقفهم (3) فيه دلالة لاستحباب الغضب عند انتهاك حرمة الدين، وفيه جواز الدعاء على المخالف لحكم الشرع لأن عائشة رضي الله عنها ما دعت على من أغضبه إلا لعلمها أنه صلى الله عليه وسلم لا يغضب إلا لله (تخريجه) (عل) قال الهيثمي ورجاله رجال الصحيح
(295) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله أبى ثنا محمد بن جعفر وروح قالا ثنا شعبة عن الحكم عن على بن حسين قال روح سمعت على بن حسين عن ذكوان مولى عائشة - الحديث" (غريبة) (4) زاد مسلم " أو خمس" يعنى أو خمس مضين من ذي الحجة وأو للشك من الراوي، وقد جاء في حديث جابر المتقدم " لأربع" من غير شك مع تعيين الوقت الذى قدموا فيه " فقال قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صبح أربع مضين من ذي الحجة (1) لفظ مسلم " وقال الحكم كأنهم يترددون أحسب"

الصفحة 94