كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 13)

-[كلام العلماء في معنى العقيقة والفرع والعتيرة]-

رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن العقيقة فقال إن الله لا يحبُّ العقوق، وكأنَّه كره الاسم (1) قالوا يا رسول الله إنما نسألك عن أحدنا يولد له؟ قال من أحبَّ منكم أن ينسك عن ولده فليفعل عن الغلام شاتان مكافأتان (2) وعن الجارية شاة
__________
أنا داود بن قيس عن عمرو بن شعيب -الحديث" (غريبه) (1) قال في النهاية ليس فيه توهين لأمر العقيقة ولا إسقاط لها، وإنما كره الاسم وأحب أن تسمى بأحسن منه كالنسيكة والذبيحة جريًا على عادته في تغيير الاسم القبيح اهـ (قال التوربشتي) هذا الكلام وهو أنه كره الاسم غير سديد أدرج في الحديث من قول بعض الرواة ولا يدرى من هو، وبالجملة فقد صدر عن ظن يحتمل الخطأ والصواب، والظاهر أنه ها هنا خطأ، لأنه صلَّى الله عليه وسلَّم ذكر العقيقة في عدة أحاديث، ولو كان يكره الاسم لعدل عنه إلى غيره، ومن سننه تغيير الاسم إذا كرهه، والأوجه أن يقال يحتمل أن السائل ظن أن اشتراك العقيقة مع العقوق في الاشتقاق مما يوهن أمرها فأعلم النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أن الذي كرهه الله تعالى من هذا الباب هو العقوق لا العقيقة، ويحتمل أن العقوق ها هنا مستعار للوالد بترك العقيقة أي لا يجب أن يترك الوالد حق الولد الذي هو العقيقة كما لا يحب أن يترك الولد حق الوالد الذي هو حقيقة العقوق، ولا يخفى أن المخاطب ما فهم هذا المعنى من الجواب، ولذلك أعاد السؤال فقال إنما نسألك إلخ، فالوجه أن يقال إنه أطلق الاسم أولًا، ثم كرهه إما بالتفات منه صلَّى الله عليه وسلَّم إلى ذلك أو بوحيٍ أو إلهامٍ منه تعالى إليه والله أعلم (2) بفتح الفاء بعد همزة مفتوحة، كذا في رواية الإمام أحمد والنسائي أي مساويتان
__________
عقيقة لأنه يحلق ويقطع، قيل للذبيحة عقيقة، لأنها تذبح أي يشق حلقومها ومريئها وودجاها كما قيل لها ذبيحة من الذبح وهو الشق (قال صاحب المحكم) يقال منه عق عن ولده يعق ويعق بكسر العين وضمها إذا حلق عقيقته وهي شعره أو ذبح عنه شاة اهـ (والفرع) قال أهل اللغة وغيرهم بفاء ثم راء مفتوحتين ثم عين مهملة، ويقال فيه الفرعة بالهاء، وفسر في الحديث بأنه أول النتائج كان ينتج لهمخ فيذبحونه، وسيأتي من حديث أبي هريرة في الباب التالي (قال الإمام الشافعي) وأصحابه وآخرون هو أول نتاج البهيمة كانوا يذبحونه ولا يملكونه رجاء البركة في الأم وكثرة نسلها، وهكذا فسره كثيرون من أهل اللغة وغيرهم (وقال كثيرون) منهم هو أول النتاج كانوا يذبحونه لآلهتهم وهي طواغيتهم، وكذا جاء هذا التفسير في صحيح البخاري وسنن أبي داود، وقيل هو أول النتاج لمن بلغت إبله مائةً يذبحونه (وقال شمر) قال أبو مالكٍ كان الرجل إذا بلغت إبله مائة قدم بكرًا فنحره لصنمه ويسمونه الفرع (والعتيرة) بعين مهملة مفتوحة ثم تاء مثناة من فوق ذبيحة كانوا يذبحونها في العشر الأول من رجل، ويسمونها الرجبية أيضًا (قال النووي) واتفقت العلماء على تفسير العتيرة بهذا اهـ. انظر حديث مخنف بن سليم رقم 44 مع شرحه صحيفة 58 في باب ما جاء في الأضحية والحث عليها تجد كلامًا في هذا المعنى.

الصفحة 113