كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 13)

-[مذاهب العلماء في حكم الفرع والعتيرة]-
(2) باب الأمر بالعقيقة للغلام والجارية
(10) عن عائشة رضي الله عنها قالت أمرنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن
__________
النهي عنهما على النهي عن فعلهما بكيفية فعل الجاهلية، وإلى ذلك (ذهب الإمام الشافعي) وأصحابه وجزم أبو عبيد بأن العتيرة تستحب (وفي شرح السنة) كان ابن سيرين يذبح العتيرة في رجل (وقال وكيع بن عدس) لا أدعها أبدًا كما في حديث أبي رزين المذكور في الباب (قال العيني) وفي الآثار للطحاوي وكان ابن عمر يعتر اهـ (وذهب آخرون) منهم الحازمي إلى أن أحاديث الجواز منسوخةٌ بحديثي أبي هريرة وابن عمر بلفظ "لا فرع ولا عتيرة" وحكى القاضي عياض أن جماهير العلماء على ذلك، ولكن لا يخفى أن النسخ لا يصار إليه إلا إذا علم التاريخ وثبت تأخر النهي ولم يمكن الجمع، وهنا لم يثبت تأخر النهي، والجمع ممكن بحمل أحاديث الباب على الندب، وحمل حديثي أبي هريرة وابن عمر على عدم الوجوب، وقد ذكر ذلك جماعة منهم الإمام الشافعي والبيهقي وغيرهما، فيكون المراد بقوله "لا فرع ولا عتيرة" أي لا فرع واجب ولا عتيرة واجبة، ولا يعكر على ذلك رواية النهي لأنه وإن كان أصل معناه التحريم، لكن إذا وجدت قرينةٌ تخرجه عن ذلك أخرجته، وقد وجدت هنا (قال النووي) قال الشافعي رحمه الله. الفرع شيء كان أهل الجاهلية يطلبون به البركة فيما يأتي بعده، فسألوا النبي صلَّى الله عليه وسلَّم عنه، فقال فرعوا إن شئتم أي اذبحوا إن شئتم، وكانوا يسألونه عما كانوا يصنعونه في الجاهلية خوفًا أن يكره في الإسلام فأعلمهم أنه لا كراهة عليهم فيه، وأمرهم استحبابًا أن يغذوه ثم يحمل عليه في سبيل الله (قال الشافعي) وقوله صلَّى الله عليه وسلَّم "الفرع حق" معناه ليس بباطل وهو كلام عربي خارج على جواب السائل، قال وقوله صلَّى الله عليه وسلَّم "لا فرع ولا عتيرة" أي لا فرع واجب ولا عتيرة واجبة، قال والحديث الآخر يدل على هذا المعنى فإنه أباح له الذبح واختار له أن يعطيه أرملة أو يحمل عليه في سبيل الله قال وقوله صلَّى الله عليه وسلَّم في العتيرة "اذبحوا لله في أي شهر كان" أي اذبحوا إن شئتم واجعلوا الذبح لله في أي شهر كان لا أنها في رجل دون غيره من الشهور، والصحيح عند أصحابنا وهو نص الشافعي استحباب الفرع والعتيرة، وأجابوا عن حديث "لا فرع ولا عتيرة" بثلاثة أوجه (أحدها) جواب الشافعي السابق أن المراد نفي الوجوب (والثاني) أن المراد نفي ما كانوا يذبحونه لأصنامهم (والثالث) أنهما ليسا كالأضحية في الاستحباب أو في ثواب إراقة الدم فأما تفرقة اللحم على المساكين فبر وصدقة، وقد نص الشافعي في سنن حرملة أنها إن تيسرت كل شهر كان حسنًا اهـ. والله أعلم.
(10) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد

الصفحة 120