كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 13)

-[مذاهب العلماء في إماطة الأذى عن رأس المولود والتصدق بزنة شعره فضة]-
.....
__________
ومتى شاء سماه (وقال ابن حزم) يسمى يوم ولادته، فإن أخرت تسميته إلى السابع فحسن (قال الحافظ) ويدل على أن التسمية لا تختص بالسابع حديث أبي أسيد أنه أتى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم بابنه حين ولد فسماه المنذر، رواه البخاري في النكاح وما أخرجه مسلم من حديث ثابت عن أنس رفعه قال (يعني النبي صلَّى الله عليه وسلَّم) ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم ثم دفعه إلى أم سيف - الحديث (قلت) جمع البخاري رحمه الله في صحيحه بين ما ورد في التسمية حين الولادة وما ورد فيها في اليوم السابع في ترجمة الباب الأول من كتاب العقيقة فقال "باب تسمية المولود غداة يولد لمن لم يعق عنه وتحنيكه" ومعناه أنه يجوز تسميته حين يولد وبعده إلا أن ينوي العقيقة عنه يوم سابعه، فالسنة تأخيرها إلى السابع (المسألة الرابعة) جاء في حديث ابن عمر المذكور في الزوائد وحديث سلَّمان بن عامر الضبي المذكور في الباب السابق الأمر بإماطة الأذى عن رأس المولود وسبق تفسيره في الشرح على أقوال (منها) حلق شعر الرأس لما أصابه من دم الرحم، وفسره البيهقي باحتمال أن يكون المراد به حلق الرأس والنهي عن أن يمس رأسه بدم العقيقة، وقد جاء النهي عن أن يمس رأسه بدم في حديث يزيد بن عبد الله المزني وفي حديث عائشة قالت (فأمر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن يجعل موضع الدم خلوقًا (1) لكن يعكر على هذا ما جاء في حديث سمرة بن جندب المذكور في الباب بلفظ "ويدمَّى" بالدال المهملة بدل ويسمى بالسين المهملة كما في رواية أخرى، وتقدم كلام العلماء في ذلك في الشرح وأن أبا داود حكم على هذه الرواية بالوهم، وقال ابن المنذر تكمل في حديث سمرة الذي فيه ويدمى اهـ. لكن انتصر ابن حزم لهذه الرواية وثبتها وقال لا بأس أن يمس بشيء من دم العقيقة، وحكاه ابن المنذر عن الحسن وقتادة؛ وحجتهم الرواية المذكورة وما جاء في حديث ابن عباس المذكور في الزوائد بلفظ "سبعة من السنة في الصبي يوم السابع" فذكر منها "ويحلق رأسه ويلطخ بعقيقته" لكن ضعفوه وأنكر التدمية جمهور العلماء، وممن كرهه الأئمة (مالك والشافعي وأحمد وإسحاق) والزهري وابن المنذر وقال فإذا كان النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قد أمر بإماطة الأذى عنه "يعني المولود" والدم أذى وهو من أكبر الأذى فغير جائز أن ينجس رأس الصبي (المسألة الخامسة) ثبت في حديث أبي رافع من أحاديث الباب أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أمر فاطمة بحلق رأس الحسن والتصدق بزنة شعره فضة وروى نحوه الإمام مالك والبيهقي وغيرهما مرسلًا من حديث محمد بن علي بن الحسين، وإلى التصدق بزنة شعر المولود فضة (ذهبت الحنابلة -وذهبت الشافعية) إلى التصدق بزنته ذهبًا فإن لم يتيسر ففضة (قال النووي) في شرح المهذب روى هذا الحديث من طرق كثيرة
__________
(1) الخلوق بفتح الخاء طيب معروف مركب يتخذ من الزعفران وغيره من أنواع الطيب وتغلب عليه الحمرة والصفرة

الصفحة 131