كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 13)

-[اختلاف المذاهب في التكنى بكنية النبي صلى الله عليه وسلم والجمع بين اسمه وكنيته]-
.....
__________
بين اسمه وكنيته (طح) (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على مشروعية التسمية باسم النبي صلى الله عليه وسلم واستحباب ذلك في حياته وبعد موته وإكرام من يتسمى بذلك، وعلى عدم جواز التكني بكنيته صلى الله عليه وسلم أو الجمع بين اسمه وكنيته في حياته (وقد اختلف العلماء في ذلك على مذاهب شتى) بعد اتفاق الجمهور على جواز التسمي باسمه صلى الله عليه وسلم (المذهب الأول) لا يحل التكني بأبي القاسم لأحد أصلا سواء أكان اسمه محمدا أو أحمد أو لم يكن (وإلى ذلك ذهب الإمام الشافعي والظاهرية) عملا بظاهر قوله صلى الله عليه وسلم "تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي" (المذهب الثاني) أن هذا النهي محمول على الكراهة لا على التحريم فيكره التكني بأبي القاسم وإن لم يكن اسمه محمدا (وإلى ذلك ذهب) محمد بن سيرين وابن جرير وآخرون والإمام أحمد في رواية وقالوا ويتعين حمل النهي على الكراهة جمعًا بينه وبين أحاديث الأذن في ذلك (المذهب الثالث) أن هذا النهي منسوخ فإن هذا الحكم كان في أول الأمر ثم نسخ، واحتجوا بحديث عائشة المذكور آخر أحاديث الباب، وإلى ذلك ذهب جماعة من العلماء لم يسمهم الشراح (قلت) دعوى النسخ غير قوية لأمرين (أحدهما) أن حديث عائشة الذي احتجوا به متكلم فيه، وتقدم الكلام عليه في تخريجه (والثاني) على فرض صحته لا يصلح ناسخا لاحتمال أن يكون قبل النهي كما قال الحافظ (المذهب الرابع) جواز التكني بأبي القاسم لمن اسمه محمد ولغيره، ويجعل النهي عن ذلك خاصا بحياته صلى الله عليه وسلم لأجل السبب الذي ورد النهي لأجله في حديث أنس الثاني من أحاديث الباب وهو دعاء غيره بكنيته صلى الله عليه وسلم فظن أنه يدعوه (وإليه ذهب الأمام مالك) رحمه الله (قال القاضي عياض) رحمه الله، وبه قال جمهور السلف وفقهاء الأمصار وجمهور العلماء، قالوا وقد اشتهر أن جماعة تكنوا بأبي القاسم في العصر الأول وفيما بعد إلى اليوم مع كثرة فاعل ذلك وعدم الإنكار أهـ (قلت) واحتجوا أيضا بحديث محمد بن الحنفية المذكور قبل الحديث الأخير من أحاديث الباب (المذهب الخامس) لا يجوز الجمع بين الاسم والكنية ويجوز أفراد كل واحد منهما (وإلى ذلك ذهب جماعة من السلف والأمام أحمد في رواية) واحتجوا بحديث جابر المذكور في الباب بلفظ "من تسمى باسمي فلا يتكنى بكنيتي، ومن اكتنى بكنيتي فلا يتسمى باسمي" (المذهب السادس) أنه ينهي عن التكنى بأبي القاسم مطلقا، وينهي عن التسمية بالقاسم لئلا يكنى أبوه بأبي القاسم، وقد غير مروان بن الحكم اسم ابنه عبد الملك حين بلغه حديث جابر الرابع من أحاديث الباب فسماه عبد الملك وكان سماه أولا القاسم وفعله بعض الأنصار أيضا، وحجتهم حديث جابر المذكور (المذهب السابع) أن التسمية بمحمد ممنوعة مطلقا سواء أكان له كنية أم لا، واحتج أصحاب هذا المذهب بحديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال تسمونهم محمدا وتلعنونهم، وتقدم في الزوائد

الصفحة 145