كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 13)

ذلك عليهم إجماعاً، هذا ما نقله الشوكاني رحمه الله تعالى.
(قلت) اذا علمت هذا فالذى اميل اليه وينشرح له صدرى ما ذهب اليه الجمهور من ان زيارة قبره صلى الله عليه وسلم مشروعة ومستحبة لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم فى زيارة القبور قولا وفعلا فقد كان صلى الله عليه وسلم يزور القبور ويحث على زيارتها (ففى حديث ابى هريرة) أنه صلى الله عليه وسلم اتى المقبرة فسلم على اهلها فقال سلام عليكم دار قوم مؤمنين وانا بكم لاحقون اللهم لا تحرمنا اجرهم ولا تفتنا بعدهم رواه الامام احمد وتقدم هو والذى قبله فى باب ما يقال عند زيارة القبور صحيفة 172 فى الجزء الثامن واحاديث زيارته صلى الله عليه وسلم للقبور كثيرة مشهورة (وفى حديث بريدة) عند الامام احمد ومسلم (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها) (ولمسلم من حديث ابى هريرة) مرفوعا (زوروا القبور فانها تذكر الموت) وفى حديث ابى سعيد مرفوعا (ونهيتكم عن زيارة القبور فان زرتموها فلا تقولوا هجرا) رواه الامامان الشافعى واحمد ورواه ايضا الحاكم وصححه واقره الذهبى (وعن انس) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كنت نهيتكم عن زيارة القبور ثم بدا لى انها ترق القلب وتدمع العين وتذكر الآخرة فزوروها ولا تقولوا هجرا) رواه الامام احمد وابو داود والنسائى والحاكم (وفى حديث على) مرفوعا (انى كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فانها تذكركم الآخرة) رواه عبدالله بن الامام احمد فى زوائده على مسند ابيه وابو يعلى (وفى هذا الباب احاديث كثيرة) انظر ابواب زيارة القبور صحيفة 157 فى الجزء الثامن من الفتح الربانى فهذة الاحاديث تفيد مشروعية زيارة القبور واستحبابها على العموم وقبر النبى صلى الله عليه وسلم داخل فى هذا العموم بل هو اولى هذا اذا قطعنا النظر عما ورد فى زيارة قبره الشريف من الاحاديث الكثيرة لضعفها على انها لكثرة طرقها يشد بعضها بعضا فتنتهض للاستدلال ولاسيما وفى بعضها ما يصلح للاستدلال به منفردا اما حديث (لا تشد الرحال الا الى ثلاثة مساجد الخ) فالقصر فيه اضافى باعتبار المساجد لا حقيقى كما قال الجمهور بدليل اجماعهم على جواز الرحال للتجارة وسائر مطالب الدنيا وعلى وجوبه الى عرفة للوقوف والى منى ومزدلفة للمناسك والى الجهاد والهجرة من دار الكفر وعلى استحبابه لطلب العلم اما قوله صلى الله عليه وسلم (لا تتخذوا قبرى عيدا) فمعناه لا تتخذوه كالعيد فى العكوف عليه وتحرى الصلاة عنده وجعل يوم معين تجتمعون فيه للزيارة والصلاة كما يفعل النصارى من تعظيم قبور انبيائهم واتخاذها مساجد والخروج عن حد الشريعة ولعل هذا هو الذى حمل المانعين على المنع سدا للذريعة ولكن اذا سلمت الزيارة من هذة المفاسد كانت مستحبة يثاب فاعلها وتقدم لنا في عدة

الصفحة 21