كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 13)

-[اختلاف العلماء فيما يؤكل منه من أنواع الهدايا وما لا يجوز بيعه منه]-
.....
__________
أن تذبح مضجعة على جنبها الأيسر وتترك رجلها اليمنى وتشد قوائمها الثلاث، وقال الأمامان (أبو حنيفة والثوري) يستوى نحر الأبل قائمة وباركة في الفضيلة (وحكى القاضي عياض) عن طاوس أن نحرها باركة أفضل وهذا مخالف للسنة والله أعلم (ومنها) جواز أكل المهدى من هديه إذا بلغ الهدى محله والتزود منه للسفر وادخاره، وهو جائز باتفاق العلماء إذا كان هدى تطوع، واختلفوا فيما عدا ذلك (فروى عن ابن عمر) رضي الله عنهما أنه قال يؤكل من كل شيء إلا من جزاء صيد ونذر (وعن على رضى الله عنه) لا يؤكل من جزاء الصيد ولا من النذر ولا مما جعل للمساكين (وعن معمر عن قتادة عن الحسن) يؤكل من الهدى كله إلا من جزاء الصيد، لكن حكى ابن المنذر عنه أنه لا بأس أن يؤكل من جزاء الصيد وغيره (وقال الأوزاعي) يؤكل من الهدى خمسة، النذر والمتعة والتطوع والوصية والمحصر إلا الكفارات كلها (وقال الإمام أبو حنيفة) لا يؤكل من شيء من الهدى إلا التطوع إذا بلغ محله ودم المتعة والقران، وبناه على مذهبه في أن دم المتعة والقران دم نسك لا جبران (وكذا قال الإمام أحمد) لا يؤكل من شيء من الهدايا إلا من دم التمتع والقران ودم التطوع (وقال الإمام مالك) يؤكل من الهدايا كلها إلا جزاء الصيد ونسك الأذى والمنذور وهدى التطوع إذا عطب قبل محله (وقال الإمام الشافعي) لا يجوز الأكل من الواجب إذا كان جبرانًا أو منذورًا (وكذا قال داود الظاهري) لا يجوز الأكل من الواجب والله أعلم (ومنها) أنه يستحب أن يتصدق بالثلث من هدى التطوع، ويهدى بالثلث. ويأكل الثلث، وهو يقول ابن مسعود كما روى عنه في الزوائد، وله أن يأكل جزءًا يسيرًا ويتصدق بالباقي، وهو قول ابن عمر كما روى عنه في الزوائد أيضًا (قال الشوكاني رحمه الله) والظاهر أنه يجوز الأكل من الهدى من غير فرق بين ما كان منه تطوعًا وما كان فرضًا لعموم قوله تعالى "فكلوا منها" ولم يفصل، والتمسك بالقياس على الزكاة في عدم جواز الأكل من الهدى الواجب لا ينتهض لتخصيص هذا العموم لأن شرع الزكاة لمواساة الفقراء، فصرفها إلى المالك إخراج لها عن موضوعها، وليس شرع الدماء كذلك، لأنها إما لجبر نقص أو لمجرد التبرع فلا قياس مع الفارق فلا تخصيص اهـ (ومنها) أنه لا يجوز بيع شيء من لحم الهدى وكذلك جلده وجلاله وقد بين الشارع وجوه الانتفاع في الهدى من الأكل والتصدق والاستمتاع بالجلود وقد بين الشارع وجوه الانتفاع في الهدى من الأكل والتصدق والاستمتاع بالجلود والتصديق بالجلال (وقال القرطبي) فيه دلالة على أن جلود الهدى وجلالها لا تباع لعطفها على اللحوم وإعطائها حكمة، وقد اتفقوا على أن لحمها لا يباع فكذلك الجلود والجلال اهـ (وقال النووي) في شرح المهذب مذهبنا أنه لا يجوز بيع جلد الهدى والأضحية ولا غيره من أجزائها لا بما ينتفع به في البيت ولا بغيره (وبه قال عطاء والنخعي ومالك وأحمد وإسحاق)

الصفحة 56