كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 13)
الإحصار، فالمشهور عند أكثر أهل اللغة منهم الأخفش والكسائى والفراء وأبوعبيدة وأبو عبيد وابن السكيت وثعلب وابن قتيبة وغيرهم أن الاحصار انما يكون بالمرض واما بالعدو فهو الحصر وبهذا قطع النحاس وأثبت بعضهم أن أحصر وحصر بمعنى واحد يقال فى جميع ما يمنع الانسان من التصرف قال تعالى (للفقراء الذين أحصروا فى سبيل الله لا يستطيعون ضربا فى الأرض) وانما كانوا لا يستطيعون من منع العدو اياهم (واما الشافعى ومن وافقه فحجتهم انه لا احصار الا بالعدو اتفاق اهل النقل على ان الآيات نزلت فى قصة الحديبية حين صد النبى صلى الله عليه وسلم عن اليبت فسمى الله صد العدو احصارا واحتجوا بقوله تعالى بعد ذلك (فمن كان منكم مريضا او به اذى من رأسه) قالوا فلو كان المحصر هو المحصر بمرض لما كان ذكر المرض بعد ذلك فائدة واحتجوا ايضا بقوله عز وجل (فاذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة الى الحج) وتمسك آخرون بعموم قوله تعالى (فان أحصرتم) وأجابوا عن قوله جل شأنه (فمن كان منكم مريضا) بأنه تعالى انما ذكر المرض بعد ذلك لأن الرمض صنفان صنف محصر وصنف غير محصر وقالوا معنى قوله تعالى (فاذا امنتم) معناه من المرض وفى حديثى عبد الله بن عمر والمسور بن مخرمة المذكورين فى الباب دلالة على أن من أحصره العدو أى منعه عن المضى الى نسكه جاز له التحلل بأن ينوى ذلك وينحر هديا ويحلق رأسه أو يقصر والتحلل باحصار العدو مجمع عليه فى الجملة حكاه ابن المنذر عن كل من يحفظ عنه من أهل العلم (وبه قالت الأئمة الأربعة) وان اختلفوا فى تفاصيل وتفاريع (منها) أنه يشترط فى جواز التحلل ضيق الوقت بحيث ييأس من اتمام نسكه ان لم يتحلل او لا يشترط ذلك با له التحلل مع اتساع الوقت؟ (لم يشترط الشافعية والحنابلة) ذلك وهو لاذى يدل عليه فعله صلى الله عليه وسلم فى الحديبية فان احرامه صلى الله عليه وسلم انما كان بعمرة وهى لا يخشى فواتها وانكان مفردا او قارنا فكذلك لأنه أحد النسكين أشبه العمرة وهى لا تفوت وجميع الزمان وقت لها فاذا جاز التحلل منها ونحر هديها من غير خشية فواتها فالحج الذى يخشى فواته أولى (وقالت المالكية) متى رجى زوال الحص لم يتحلل حتى يبقى بينه وبين الحج من الزمان ما لايدرك فيه الحج لو زال حصره فيحل حينئذ عند ابن القاسم وابن الماجشون وقال أشهب لا يحل الى يوم النحر ولا يقطع التلبية حتى يروح الناس الى عرقة و (منها) ان الشافعية والحنابلة لم يفرقوا فى جواز التحلل بين ان يكون الاحصار قبل الوقوف بعرفة او بعده وخص الحنفية والمالكية ذلك بما اذا كان فبل الوقوف (ومنها) أنهم اختلفوا فى انه هل يجب على المحصر ارقة دم ام لا؟ فقال جمهور العلماء بوجوبه وبه قال أشهب من المالكية وقال مالك لا يجب وتابعه ابن القاسم صاحبه (ومنها) أن
الصفحة 7
168