كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 13)

-[اختلاف العلماء في إجزاء البعير عن عشرة في الضحية]-
.....
__________
قال اللهم تقبل من محمد وآل محمد" قال وكما أن الفرق ينقسم إلى فرض عين وفرض كفاية فقد ذكر الأصحاب أن التضحية كذلك وأن التضحية مسنونة لكل أهل بيت اهـ اكلام الرافعي (قال الشوكاني) وقال الهادي والقاسم تجزئ الشاة عن ثلاثة، وقيل تجزئ عن واحد فقط، وبه قال من سلف. وقد زعم النووي أنه متفق عليه وهو غلط، وقد وافقه على دعوى الإجماع ابن رشد، وكذلك زعم المهدي في البحر أنه لا قائل بأن الشاة تجزئ عن أكثر من ثلاثة وهو أيضًا غلط، والحق أنها تجزئ عن أهل البيت وإن كانوا مائة نفس أو أكثر كما قضت بذلك السنة، ولعل متمسك من قال إنها تجزئ عن واحد فقط القياس على الهدي. وهو فاسد الاعتبار، وأما من قال إنها تجزئ عن ثلاثة فقط فقد استدل لهم صاحب البحر بقوله صلى الله عليه وسلم عن محمد وآل محمد، ثم قال ولا قائل بأكثر من الثلاثة فاقتصر عليهم اهـ. ولا يخفاك أن الحديث حجة عليه لا له وأن نفي القائل بأكثر من الثلاثة ممنوع والسند ما سلف (وفي أحاديث الباب أيضًا) دلالة على أن البعير يجزئ في الضحية عن عشرة والبقرة عن سبعة. وغلى ذلك ذهب (إسحاق بن راهويه والعترة وابن خزيمة) مستدلين بحديث ابن عباس المذكور في الباب وبحديثي ابن مسعود والحسن بن علي المذكورين في الزوائد. واختاره الشوكاني وقال هذا هو الحق. يعني أن البعير يجزئ عن عشرة في الأضحية (وذهب الجمهور) إلى أن البعير يجزئ عن سبعة فقط كالبقرة (قال النووي في شرح المهذب يجوز أن يشترك سبعة في بدنة أو بقرة للتضحية سواء كانوا كلهم أهل بيت واحد أو متفرقي، أو بعضهم يريد اللحم فيجزئ عن المتقرب، وسواء كان أضحية منذورة أو تطوعًا، هذا مذهبنا (وبه قال أحمد وداود وجماهير العلماء) إلا أن داود جوزه في التطوع دون الواجب، وبه قال بعض اصحاب مالك (وقال أبو حنيفة) إن كانوا كلهم متقربين جاز (وقال مالك) لا يجوز الاشتراك مطلقًا كما لا يجوز في الشاة الواحدة، واحتج أصحابنا بحديث جابر قال "نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة" رواه مسلم (وعنه أيضًا) قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منا في بدنة، رواه مسلم اهـ (قلت) حديث جابر الذي استدل به النووي وعزاه لمسلم رواه الإمام أحمد أيضًا من طرق متعددة، ونقدم في باب الاشتراك في الهدي صحيفة 37 من هذا الجزء. وقد جمع الشوكاني بين حديثي جابر وابن عباس بأن حديث جابر محمول على الهدى، وحديث ابن عباس محمول على الأضحية وقال هذا هو الحق (قلت) وهو جمع حسن، وكأن حديث ابن عباس لم يصح عند الجمهور، أما البقرة فتجزئ عن سبعة فقط باتفاق العلماء في الهدي والأضحية والله أعلم

الصفحة 87