كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 13)

-[الترخيص لأبي بردة بن نيار في التضحية بالجذعة من المعز]-
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تجزئ عن أحدٍ بعدك (1) ونهى أن يذبحوا حتى يصلوا
(85) عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر من كان ذبح قبل الصلاة فليعد، فقام رجلٌ (2) فقاليا رسول الله هذا يومٌ يشتهي فيه اللحم وذكر هنةً (3) من جيرانه فكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقه، قال وعندي جذعةٌ هي أحب إليَّ من شاتي لحمٍ (4) قال فرخص له فلا أدري بلغت رخصته من سواه أم لا (5) قال ثم انكفأ رسول الله
__________
ابن سلمة أنا أبو الزبير عن جابر بن عبد الله - الحديث" (غريبه) (1) الظاهر أن هذه قصة أخرى غير قصة أبي بردة لأنها تغايرها من ثلاثة أوجه (أحدها) أن هذا الرجل ضحى بعتود جذع من المعز وهو لا يصلح ضحية مطلقًا (الثاني) أنه ذبحه قبل الصلاة وكل ما ذبح قبل الصلاة لا يجزئ وإن كان مسنًا (الثالث) أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره بذبح غيره كما أمر أبا بردة، فالذي يظهر أن الرجل كان يجهل سن الضحية ووقتها فذبح جذعًا من المعز قبل الصلاة وكان فقيرًا لا يملك غيره، وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم منه ذلك فرخص له فيها دون غيره، وهذا لا ينافي الترخيص لأبي بردة في الجذع من المعز دون غيره، لأن القصة مختلفة والله أعلم (تخريجه) (طح. حب) وصححه، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلي ورجالهما رجال الصحيح
(85) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل أنا أيوب عن محمد عن أنس - الحديث" (غريبه) (2) الظاهر أن هذا الرجل هو أبو بردة بن نيار رضي الله عنه لأن سياق القصة واحد (3) بفتحتين تأنيث هن ويكون كناية عن كل اسم جنس، وهذا معنى قول من قال يعبر بها عن كل شيء، والمراد هنا لاحاجة، أي فذكر أنهم فقراء محتاجون إلى اللحم (4) أي أطيب لحمًا وأنفع لسمنها ونفاستها، وفيه إشارة إلى أن المقصود في الضحايا طيب اللحم لا كثرته، فشاة نفيسة أفضل من شاتين غير سمينتين بقيمتها بخلاف العقيقة فكثير العدد فيها أفضل (5) هذا الشك بالنسبة إلى علم أنس رضي الله عنه؛ وقد صرح النبي صلى الله عليه وسلم في حديث البراء المتقدم بأنها تجزئ عنه ولا تجزئ عن أحد بعده (وقوله ثم انكفأ الخ) انكفأ مهموز أي مال وانعطف، وفيه أجزاء الذكر في الأضحية وأن الأفضل أن يذبحها بنفسه وهما مجمع عليهما؛ وفيه جواز التضحية

الصفحة 92