كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 13)

-[مذاهب العلماء في وقت ذبح الأضحية واختلافهم في التضحية بجذع المعز]-
.....
__________
علي بن أبي طالب وجبير بن مطعم وابن عباس وعطاء والحسن البصري وعمر بن عبد العزيز وسليمان بن موسى الأسدي فقيه أهل الشام ومكحول وداود الظاهري وغيرهم (وقال أبو حنيفة ومالك وأحمد) تختص بيوم النحر ويومين بعده، وروي هذا عن عمر بن الخطاب وعلي وابن عمر وأنس، رضي الله عنهم اهـ (قلت) وحكى الحافظ ابن القسم عن الإمام أحمد أنه قال وهو قول غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورواه الأثرم عن ابن عباس (وقال سعيد بن جبير وجابر بن زيد) إن وقته يوم النحر فقط لأهل الأمصار، ولأهل القرى أيام التشريق (وقال ابن سيرين) إن وقته يوم النحر خاصة لأهل الأمصار وغيرهم (وحكى القاضي عياض) عن بعض العلماء أنها تجوز في جميع ذي الحجة، فهذه خمسة مذاهب، أرجحها الأول لأحاديث الباب والزوائد، وهي يقوي بعضها بعضًا، واختلفوا في جواز التضحية في ليالي أيام الذبح (فذهب الأئمة أبو حنيفة والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور) والجمهور إلى جوازه مع الكراهية (وقال الإمام مالك) في المشهور عنه وعامة أصحابه (ورواية عن الإمام أحمد) لا تجزيه في الليل بل تكون شاة لحم لا ضحية (قال الشوكاني) ولا يخفى أن القول بعدم الإجزاء وبالكراهة يحتاج إلى دليل، ومجرد ذكر الأيام في حديث الباب "يعني حديث جبير بن مطعم" وإن دل على إخراج الليالي بمفهوم اللقب، لكن التعبير بالأيام عن مجموع الأيام والليالي وبالعكس مشهور متداول بين أهل اللغة لا يكاد يتبادر غيره عند الإطلاق، وأما ما أخرجه الطبراني عن ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن الذبح ليلًا، ففي إسناده سليمان بن سلمة الجبائري وهو متروك، وذكره عبد الحق من حديث عطاء بن يسار مرسلًا وفيه مبشر بن عبيد وهو أيضًا متورك، وفي البيهقي عن الحسن نهى عن جذاذ الليل وحصاده والأضحى بالليل. وهو وإن كانت الصيغة مقتضية للرفع مرسل اهـ (وقد ذهب جماعة من العلماء) إلى جواز التضحية بجذع المعز مستدلين على ذلك بما جاء في أحاديث الباب عن البراء بن عازب وأبي زيد الأنصاري وجابر بن عبد الله وبما جاء في الزوائد عن أبي جحيفة وسهل بن حثمة (وحكاه العبدري عن الأوزاعي) وحكاه صاحب البيان عن عطاء بن أبي براح، وحكاه ابن حزم عن عقبة بن عامر وزيد بن خالد وابن عمر وأم سلمة، وحكاه الرافعي وجهًا عند الشافعية. لكن قال النووي هو شاذ ضعيف بل غلط اهـ (قلت) ومنعه الجمهور، وأجابوا عن الأحاديث المذكورة بأنها خاصة بالرخصة لأبي بردة وفيها التصريح بأنها لا تجزئ عن أحد بعده، فهي حجة للمانعين لا عليهم (فإن قيل) ثبت هذا التصريح والترخيص لغير أبي بردة كعقبة بن عامر وسعد بن أبي وقاص وغيرهما (فالجواب) أن الأصل منع إجزاء الجذع من المعز وغيره إلا

الصفحة 97