كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 14)
-273 -
استحباب دعاء الإنسان لأخيه المسلم بظهر الغيب
-----
رحمة الله علينا وعلى هود صالح (عن طلحة بن عبيد الله بن كريز) قال سمعت أم الدرداء قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنه يستجاب للمرء بظهر الغيب لأخيه فما دعا لأخيه بدعوة إلا قال الملك ولك بمثل (عن أبي الزبير) عن صفوان بن عبد الله وكانت تحبه أم الدرداء فأتاهم فوجد أم الدرداء، فقالت له أتريد الحج العام فقال نعم، قالت
__________
اقتداء بأبيه إبراهيم صلى الله عليه وسلم حيث قال (ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب) فتتأكد المحافظة على ذلك وعدم الغفلة عنه، وإذا كان لا أحد أعظم من الوالدين ولا أكبر حقا على المؤمن منهما. ومع ذلك قدم الدعاء لنفسه عليهما في القرآن في غير موضع، فيكون على غيرهما أولى (تخريجه) (حب ك) وأبو داود والنسائي والترمذي وقال حسن صحيح (قلت) وصححه أيضا الحاكم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن نمير ثنا فضيل يعني ابن غزوان قال سمعت طلحة بن عبيد الله بن كريز (بوزن كريم) الخ (غريبة) لفظ مسلم عن طلحة أيضا قال (حدثتني أم الدرداء قالت حدثني سيدي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من دعا لأخيه بظهر الغيب قال الملك الموكل به آمين ولك بمثل) فزاد في روايته قالت (حدثني سيدي) قال النووي تعتني زوجها أبا الدرداء ففيه جواز تسمية المرأة زوجها سيدها وتوقيره، قال وأم الدرداء هذه هي الصغرى التابعية واسمها هجيمة (بوزن بثينة) وقيل جهيمة (بتقديم الجيم على الهاء) اهـ (قلت) لكن قولها في رواية الإمام أحمد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم اله يعين أنها الكبرى الصحابية واسمها خيرة، ويجمع بين الحديثين بأن طلحة سمع الحديث من كلتيهما، فالصغرى روته عن النبي صلى الله عليه وسلم بواسطة زوجها أبي الدرداء، والكبرى روته بدون واسطة، هذا ما ظهر لي والله أعلم أي في غيبة المدعو له وفي سره لأنه أبلغ في الإخلاص أي ولك مثل ما دعوت له به، فالباء زائدة، قال النووي هو بكسر الميم وإسكان الثاء، هذه الرواية المشهورة، قال القاضي (يعني عياضا) ورويناه بفتحها أيضا، يقال هو مثله ومثيله بزيادة الياء أي عديلة سواء، وفي هذا فضل الدعاء لأخيه المسلم بظهر الغيب، ولو دعا الجماعة من المسلمين حصلت هذه الفضيلة، ولو دعا الجملة المسلمين فالظاهر حصولها أيضا، وكان بعض السلف إذا أراد أن يدعو لنفسه يدعو لأخيه المسلم بتلك الدعوة لأنها تستجاب ويحصل له مثلها (تخريجه) (م د) ورواية أبي داود كرواية مسلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد ابن هارون أنا عبد الملك عن أبي الزبير الخ هكذا جاء في المسند (وكانت تحبه أم الدرداء) بموحدة بعد الحاء المهملة من المحبة لكن جاء في صحيح مسلم بلفظ (وكانت تحته الدرداء) بتاء مثناة بعد الحاء بدل الموحدة، ومعنى رواية مسلم أن صفوان كان زوجها للدرداء، ومعنى رواية الإمام أحمد أن أم الدرداء كانت تحب صفوان زوج بنتها الدرداء كما هي عادة النساء، هذا لم يكن في رواية الإمام أحمد تصحيف من الناسخ، والافرواية مسلم أظهر والله أعلم جاء عند مسلم قال قدمت الشام فأتيت أبا الدرداء في منزله فلم أجده ووجدت