كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (اسم الجزء: 14)

-288 -
ومنها مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك
-----
عز وجل فشفاه الله عز وجل (ومنها مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) (عن شهر بن حوشب) قال سمعت أم سلمة رضي الله عنها تحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكثر في دعائه يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، قالت قلت يا رسول الله أو إن القلوب لتتقلب؟ قال نعم، ما من خلق الله من بني آدم من بشر إلا وقلبه بين إصبعيه من أصابع الله فإن شاء الله عز وجل أقامه وإن شاء أزاغه فنسأل الله ربنا أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، ونسأله أن يهب لنا من لدنه رحمة أنه هو الوهاب، قالت قلت يا رسول الله ألا تعلمني دعوة أدعو بها لنفسي، قال بلى- قولي اللهم رب محمد النبي اغفر لي ذنبي وأذهب غيظ قلبي وأجرني من مضلات الفتن ما أحييتنا (عن النواس بن سمعان الكلابي) رضي الله عنه قال سمعت رسول اله صلى الله عليه وسلم يقول ما من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابع رب العالمين إن شاء أن يقيمه أقامه، وإن شاء أن يزيغه أزاغه، وكان يقول يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، والميزان بين الرحمن عز وجل يخفضه ويرفعه (عن عائشة رضي الله عنها) قالت دعوات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
__________
من الثواب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم ثنا عبد الحميد قال حدثني شهر بن حوشب الخ (غريبة) قال الراغب تقلب الشيء تغييره من حال إلى حال، والتقليب التصرف: وتقليب الله القلوب والبصائر صرفها من رأى إلى رأى اهـ (وقال البيضاوي) في نسبه تقلب القلوب إلى الله عز وجل إشعار بأنه يتولى قلوب عباده ولا يكلها إلى أحد من خلقه، وفي دعائه صلى الله عليه وسلم (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) إشارة إلى شمول ذلك للعباد حتى الأنبياء ورفع توهم من يتوهم من يتوهم إنهم يستثنون من ذلك، وخص نفسه بالذكر إعلاما بأن نفسه الزكية إذا كانت مفتقرة إن تلجأ إلى الله سبحانه فافتقار غيرها ممن هو دونه أحق بذلك هذا ونحوه من المتشابه الذي نؤمن به كما جاء من غير تشبيه ولا تمثيل ونكل علمه إلى الله عز وجل وقد تقدم نحوه في غير موضع أي إقامة على الهدى ودين الحق، وإن شاء أزاغه يعني أضله وصرفه عن الحق إلى الباطل قال تعالى (قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله) فيه استحباب الدعاء بهذه الآية وهي قوله تعالى (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا- إلى قوله إنك أنت الوهاب) وقد ورد ما يؤيد ذلك (تخريجه) رواه ابن جرير وابن مردودية، وروى الترمذي الطرف الأول منه إلى قوله ثبت قلبي على دينك، وقال حديث حسن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الوليد بن مسلم قال سمعت يعني ابن جابر يقول حدثني بسر بن عبد الله الحضرمي أنه سمع أبا إدريس الخولاني يقول سمعت النواس بن سمعان الكلابي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) تقدم شرحه في الحديث السابق (وقوله والميزان بيد الرحمن الخ) تقدم الكلام عليه مطولا في كتاب التوحيد في الجزء الأول في باب عظمة الله تعالى صحيفة 40 فارجع إليه (تخريجه) (جه ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس قال ثنا حماد يعني ابن يزيد

الصفحة 288